ما هي الكبائر التي لا تُغفر؟ ومن هو الشخص التي لا تُقبل توبته؟ خُلق ابن آدم خطّاء، ولا يوجد على الأرض مخلوق لم يقُم بذنب حتى ولو بسيط للغاية، لكن يجب أن يكون العبد على دراية بعاقبة كل ذنب يقوم به، وما إذا كان الله يقبل التوبة عنها أم لا، ومن خلال موقع سوبر بابا نعرف ما هي الكبائر التي لا يغفرها الله سبحانه وتعالى.
ما هي الكبائر التي لا تُغفر؟
هناك العديد من الكبائر التي لا تُغفر عند الله تعالى ما دام العبد لم يتُب عنها، لكن على العباد ألا تسمع لمن يدفعهم إلى طريق الضلال بإقناعهم أن الذنب كبير ولن يغفره الله أبدًا، خاصةً إذا كان في حقه.
فقد جاء -عز وجل- بالعديد من الدلائل في مواضع مختلفة من القرآن الكريم مُشيرًا إلى رحمته بعباده ومغفرته لهم حتى ولو أذنبوا، ومن أبرز الآيات القرآنية الدالة على ذلك:
- “وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ“ الآية 82 من سورة لقمان.
- “وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ” الآية 6 من سورة الرعد.
فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكن يجب أن يكون العبد على دراية بالذنوب الكبيرة التي لا يغفرها الله إلا بعدما يتوب عنها مُرتكبها، وهي الموضحة فيما يلي تفصيلًا:
1- الشرك بالله
يأتي الشرك بالله في المرتبة الأولى بين الكبائر التي لا تُغفر، خاصةً أن الله قد ذكره في كتابه الحكيم ووصفه بالظلم العظيم، وذلك في قوله تعالى: “وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ“ الآية 13 من سورة لقمان.
أيضًا جاء الله يُبين مدى كِبر ذنب الشِرك به في قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا“ الآية 48 من سورة النساء.
علاوة على ذلك فقد ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم واصفًا إياه كإحدى الموبقات السبع، والمقصود بها الذنوب المهلكات، وقد أُطلق عليها هذا الاسم نظرًا لما تسببه لصاحبها من الهلاك العظيم، حيث يُعاقب في الدنيا ويدخل النار في الآخرة، وروُى ذلك عن أبو هريرة رضي الله عنه:
“اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ” صحيح البخاري.
مما يُشير إلى أن الشرك بالله هو كُفر به وهو ما يجعل فاعله يستحق عدم المغفرة، ويُخلد في النار أبدًا، إلا إذا تاب قبل موته ودخل الإسلام، وبذلك فإن كافة تصرفاته قبل أن يعتنق الدين الإسلامي لا يُحاسب عليها.
مع العلم أن الشرك الأكبر هو الكُفر به، وإنما هناك نوع آخر من الشرك بالله وهو الشرك الأصغر، وهو ما يفعله العبد فيساوي بين الله وغيره في الأفعال والأقوال التي لا تناسب مستوى العبادة، ولا يُغفر هذا الذنب إلا بالتوبة عنه، لكنّه لا يُخرج صاحبه من الدين الإسلامي.
اقرأ أيضًا: ما هي أكبر الكبائر بالترتيب وطريقة التكفير عنها
2- قتل النفس
إن قتل الناس بغير حق هو أحد أعظم الكبائر بعد الشرك بالله، وقال ذلك في قوله تعالى: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا“ الآية 33 من سورة الإسراء.
مفهوم النفس الآتي في كلمة “قتل النفس” يشمل النفس والغير في آنٍ واحد، لكن يأتي قتل الغير في منزلة أشد حُرمة وأكبر في الذنب، وهو ما يُشير إلى مدى سوء سلوك الاعتداء على الغير، مع العلم أن من يُقام عليه الحد في الدُنيا يُغفر ذنبه، ولا يُعاقب يوم القيامة مرة أخرى.
3- أكل حقوق العباد
عند الإجابة على سؤال ما هي الكبائر التي لا تُغفر فإن أكل حقوق العباد من أهم ما يجب إدراجه في الإجابة، فإن القيام بسلب أحد حقوقه بغير وجه حق من شأنه هي أحد السلوكيات التي لا يغفرها الله أبدًا إلا إذا تاب فاعلها عنها توبة نصوحة ولم يعُد للذنب مرة أخرى، وردّ الحقوق إلى أصحابها.
يُمكن الاستدلال على أن ظلم العبد لأخيه من الكبائر من خلال الحديث المرويّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم:
“مَن كَانَتْ له مَظْلِمَةٌ لأخِيهِ مِن عِرْضِهِ أَوْ شيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليَومَ، قَبْلَ أَنْ لا يَكونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ له حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عليه” صحيح البخاري.
لا يقتصر أكل الحقوق على الجانب المالي فقط، وإنما له صور أخرى مثل القذف والزنا، والغيبة والنميمة، ولا يُغتفر ذلك إلا بالاعتذار من صاحب الحق وطلب السماح منه إن كان على معرفة به، وجاء الدليل على أنواع أكل حقوق العباد في حديث شريف مرويّ على لسان أبي هريرة رضي الله عنه:
“أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ” صحيح مسلم.
لكنّ إن لم يكُن على علمٍ به على صاحبه أن يتوب لنفسه فقط، ويستغفر الله على ما قاله في حق الشخص، كما أنه من الضروري أن يذكر سيرته الطيبة في المجالس التي اغتابه فيها.
اقرأ أيضًا: الكبائر السبع المذكورة في القرآن والسنة
من هو الشخص الذي لا تُقبل توبته؟
من رحمة الله بعباده أنه منح من فعل كبيرة من الكبائر التي لا تُغفر فرصة للتوبة في أي وقت ما داموا على قيد الحياة، وما دامت الشمس تطلع من مشرقها، ووفقًا لذلك فإن الله يغفر الذنوب والتوبة من العباد جميعًا مهما بلغ حجم ذنوبه.
جاء الدليل على ذلك في قوله تعالى: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ“ الآية 53 من سورة الزمر.
لكن جدير بالمعرفة أن هذا الحديث ينطبق على من تاب قبل أن يموت وقبل أن يعاين الموت أو يتحقق نزوله به، أي ما دامت الروح في الجسد، أما إذا بلغت روحه الحلقوم فإن توبته غير مقبولة، لذا لا يجب الإصغاء إلى وساوس الشيطان، والمداومة على الطاعة والتقرب إلى الله وطلب التوبة والمغفرة ما دام العبد على قيد الحياة.
اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع من وقع في الكبائر والتوبة منه
شروط التوبة النصوح
على الرغم من معرفة الإنسان ما هي الكبائر التي لا تُغفر إلا أنه يظل مُحسن الظن بالله تعالى، وعندما يعلم أنه ما زال بإمكانه التوبة حتى يغفرها الله له، يسعى جاهدًا ليعرف شروط قبولها، لذا حرصنا على توضيح شروط التوبة الصحيحة فيما يلي:
- شعور المُذنب بالندم حيال ما ارتكبه من ذنوب.
- ترك المعصية خوفًا من الله تعالى.
- العزم على عدم تكرار المعصية مرة أخرى.
من ارتكب ذنب في حق الله تعالى دون علم منه بذلك وبالأحكام المفروضة، فإن الله غفور رحيم بعباده، أما إذا كان على علم فإن هناك من الذنوب كبائر لا تُغفر.