المخاطر المترتبة على الإفراط في شرب الماء
تُعرف حالة الإفراط في شرب الماء أو فرط التميه (بالإنجليزية: Hyperhydration) بالتسمم المائي (بالإنجليزية: Water intoxication)، حيث يحدث اختلال في توازن السوائل بالجسم نتيجة استهلاك كميات كبيرة من السوائل تفوق الكمية التي يُفقدها الجسم بصورة طبيعية. وعلى الرغم من ندرة حدوث هذه الحالة، يمكن لكلى صحية أن تتخلص من السوائل بمعدل يتراوح بين 20-28 لتر يومياً، أو تقريباً 800-1000 ملليلتر في الساعة. ومع ذلك، قد تظهر هذه الحالة لدى الرياضيين الذين يمارسون تمارين شاقة أو الأفراد الذين يعانون من مشاكل في الكلى. فيما يلي أبرز أضرار الإفراط في شرب الماء والأعراض المصاحبة له:
- نقص صوديوم الدم: (بالإنجليزية: Hyponatremia) يمثل الضرر الرئيسي في حالات التسمم المائي تخفيف تركيز بعض الشوارد في الدم، وخاصة الصوديوم. يحدث نقص صوديوم الدم عندما ينخفض مستوى الصوديوم في الدم إلى أقل من 135 ملي مول/لتر، وهي حالة خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات. حيث ينتج عن انخفاض الصوديوم اختلال في توازن السوائل داخل وخارج الخلايا، مما يسبب انتفاخ الخلايا نتيجة تدفق السوائل من الدم إلى داخلها. هذا الانتفاخ يزيد من الضغط على الأنسجة الدماغية، مما يؤثر سلباً على أداء وظائف الدماغ الطبيعية، وقد يتسبب في وفاة بعض خلايا الدماغ نتيجة الضغط أو اختلال توازن الشوارد. تجدر الإشارة إلى أن 14% من مرضى نقص الصوديوم يعانون من الدوخة. في الحالات الشديدة، قد يؤدي نقص الصوديوم إلى الغيبوبة، لذا من الضروري استشارة طبيب عند ظهور أعراض مقلقة.
- أعراض شائعة: مثل الغثيان، والتقيؤ، وفقدان الشهية، والإرهاق، والقلق، وتغيرات المزاج، ومشكلات في الهضم، وخلل في توازن الأحماض بالجسم.
- أضرار في الجهاز العصبي المركزي: نتيجة انتفاخ خلايا الدماغ، حيث تشمل الأعراض؛ الصداع، والارتباك، والنعاس، والخمول.
- مخاطر خطيرة في الحالات الشديدة: مثل ارتفاع ضغط الدم، والتشوش الذهني، وازدواجية الرؤية، وفقدان الوعي، والنوبات، والخطر المحتمل للسكتة، وصعوبة في التنفس، وضعف العضلات مع حدوث تشنجات.
الأشخاص الأكثر عرضة للإفراط في شرب الماء
يوجد بعض الأفراد الذين قد يكونون عرضة بشكل أكبر للإفراط في شرب الماء، ومن بينهم:
- الرياضيون: كما ذكر سابقاً، فإن الرياضيين، وخاصة المشاركين في رياضة الماراثون، هم في خطر أكبر؛ حيث يمكنهم شرب كميات كبيرة من السوائل لفترات قصيرة، مع خسارة كميات كبيرة من الصوديوم نتيجة التعرق. وقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة The New England Journal of Medicine عام 2002 أن 13% من المشاركين في ماراثون بوسطن تعرضوا لأعراض نقص صوديوم الدم.
- الأفراد الذين يخضعون للتدريب العسكري: حيث أظهرت حالة تم نشرها في مجلة Military Medicine عام 2001 أن 17 جندياً عانوا من نقص صوديوم الدم نتيجة استهلاك كميات كبيرة من السوائل خلال التدريب. وقد أدت حالة واحدة إلى وفاة جندي بسبب الإفراط في شرب أكثر من 5 لترات من السوائل خلال فترة قصيرة. وعموماً، يبدو أن الحد من استهلاك 1 إلى 1.5 لتر من السوائل في الساعة يمكن أن يكون آمناً.
- الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية: مثل العطاش الابتدائي (بالإنجليزية: Psychogenic polydipsia)، وهو الإفراط في شرب السوائل بالرغم من عدم الشعور بالعطش، ويشيع بين المصابين بالفصام والذهان واعتلال الشخصية.
نصائح للحد من الإفراط في شرب الماء
يعتمد تقليل فرط التميه على السبب ودرجة الشدة. ينصح بالتقليل من استهلاك السوائل بعد استشارة طبية، وتوزيع شرب الماء على جلسات مختلفة بدلاً من دفع كميات كبيرة دفعة واحدة، وكذلك شرب الماء حسب الحاجة. من المهم أيضا معالجة الأسباب المؤدية لهذه الحالة، فإذا كان الإفراط ناتجًا عن زيادة حجم الدم بسبب مشاكل مرتبطة بالكلى أو القلب أو الكبد، ينبغي تقليل استهلاك الصوديوم. وإذا كان ناتجًا عن بعض الأدوية، يجب التوقف عنها أو استخدام مدرات البول للمساعدة في التخلص من الفائض.
لدى الرياضيين، من المهم مراقبة الوزن قبل وبعد السباقات لتقدير الكمية اللازمة لتعويض السوائل المفقودة، وينبغي توزيع السوائل بين الماء والمشروبات التي تحتوي على الشوارد، مع تناول 2-4 أكواب كل ساعة، أو أكثر عند الشعور بالعطش. في حال استمرت التمارين لأكثر من ساعة، فيستحسن الاعتماد على المشروبات الرياضية نظراً لاحتوائها على السكريات والشوارد، مثل الصوديوم والبوتاسيوم، والتي تفقد أثناء التعرق.
كما يجب الانتباه إلى لون البول كمؤشر لترطيب الجسم؛ حيث يشير اللون الأصفر الفاتح إلى الترطيب الجيد، بينما يدل اللون الداكن على نقص الماء، وأخيرًا البول عديم اللون يدل على فرط التميه.
الاحتياج اليومي الموصى به من الماء
تتفاوت الكمية المناسبة من الماء التي يحتاجها الأفراد يومياً، حسب العديد من العوامل مثل النشاط البدني والطقس. بشكل عام، توصي الإرشادات العالمية الرجال بشرب حوالي 15.5 كوب، أي ما يعادل 3.7 لترات يوميًا، بينما يُنصح النساء بشرب حوالي 11.5 كوب، أي 2.7 لتر يوميًا.
أهمية الماء للجسم
يمثل الماء حوالي 60% من الجسم، ويعتمد عليه الأعضاء الحيوية في العديد من العمليات مثل إفراز العصارة الهضمية، والامتصاص، وتكوين الدم، ودعم الدورة الدموية، وإفراز اللعاب، فضلاً عن نقل العناصر الغذائية للخلايا، وتنظيم درجة حرارة الجسم. يعتبر الماء جزءاً أساسياً من مكونات العظام والعضلات والدهون. يحتاج جسم الإنسان إلى الماء يوميًا من خلال السوائل والأطعمة الغنية بالماء لتعويض الفقد الناتج عن عمليات التنفس والهضم والتعرق والتبول.
للمزيد من المعلومات حول فوائد شرب الماء، يمكنكم الاطلاع على المقال المتعلق بفوائد شرب الماء للجسم.