مصطلحات الفقر في القرآن الكريم

مصطلحات الفقر في القرآن الكريم

يظهر مصطلح الفقر في القرآن الكريم في أربعة عشر موضعًا، حيث ورد بكافة هذه المواضع في صيغة الاسم، بينما لم يتم استخدام صيغة الفعل من كلمة الفقر في أي آية. كما تم ذكر مجموعة من الكلمات المتوافقة التي تحمل دلالة الفقر والحاجة بشكل رئيسي، على الرغم من وجود اختلافات طفيفة بين كل منها، والتي سيتم توضيحها فيما يلي:

  • الفقر

يتخذ أصل كلمة الفقر (فَ قَ رَ) معنى الانفراج في شيء معين، كما تُشير إلى الفقارة التي تعني الحزوز الموجودة في الظّهر. ومن هنا، اشتقت كلمة (فقير) للدلالة على الشخص الذي يعاني من انكسار في ظهره، وهذا ما جعل لفظة (فاقرة) تُشير إلى الداهية، كما جاء في قوله تعالى: (تَظُنُّ أَن يُفعَلَ بِهَا فَاقِرَة)؛ أي تتوقع أن يحصل لهذا الأمر شيء يسبب انكسار الفقار من قوتها.

  • الخصاصة

ظهرت كلمة (الخصاصة) في القرآن الكريم في موضع واحد فقط، وهو قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ). تشير الخصاصة في أصلها اللغوي إلى وجود فجوة بين الاصابع، ويمكن استعمالها للدلالة على الثقب الصغير أو الخلل. ولذلك، يقال: ذوو الخصاصة بمعنى الفقراء. وبالتالي، فإن الخصاصة تدل هنا على الحاجة والعوز.

  • الإملاق

ينبع أصل كلمة الإملاق من مفهوم الإنفاق، حيث يُقال أملق الشخص ما معه أي أنفقه، كما يمكن استخدام مَلَقَ بمعنى إخراج الشيء من يده. ويمتد هذا المعنى ليشمل الافتقار، إذ تم استخدام السبب بدلاً من المسبب، فأصبح مفهوم الإملاق مرتبطاً بكثرة الإنفاق التي تؤدي إلى الحاجة. تندرج تحت الإملاق معانٍ أخرى كالفقر والإسراف، ويُتفق على أن الفاقة هي المعنى الأكثر شهرة بين علماء اللغة والتفسير لهذه الكلمة.

ذُكرت كلمة إملاق في موضعين في القرآن؛ الأول في سورة الإسراء حيث ورد فيها: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ)، والثاني في سورة الأنعام في قوله: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ).

  • العَيلة

تُعرف العيلة بأنها فقر وحاجة، وتُماثلها كلمة العالة. وأصلها (عال) حيث يُقال عال الرجل أي افتقر، بينما تعني أعال الرجل كثر عياله. يمكن أيضًا استخدام مصطلح معيل للإشارة إلى الرجل أو المرأة التي لها عيال، حيث أن الواحد من العيال يُطلق عليه عَيْل، وجمعه عيائل.

وردت كلمة عيلة في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، حيث ذُكرت بصورة مباشرة في قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)، كما وردت أيضًا في قوله: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا)، وفي الموضع الأخير جاء بصيغة اسم الفاعل حيث قال تعالى: (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى).

دلالات الفقر في القرآن الكريم

تم تناول ألفاظ الفقر في القرآن الكريم في عدة مواضع، وتحمل تلك الألفاظ معنيين رئيسيين وآخرين فرعيين سيتم تفصيلهما فيما يلي:

المعاني الرئيسية للفقر في القرآن

يتم استعراض لفظ الفقر في القرآن الكريم بشكل رئيسي بمعنيين على النحو التالي:

  • الافتقار إلى الله تعالى

يمثل هذا المعنى بعداً عاماً يسري على جميع البشر، بغض النظر عن أحوالهم أو ظروفهم أو أزمنتهم. يحمل معنى الفقر المعنوي، حيث يحتاج البشر إلى الله -سبحانه وتعالى- في كل جوانب حياتهم، ولا يستغني أحد عن عونه؛ إذ أن الله -تعالى- غني عن جميع خلقه. وقد أشار إلى ذلك في مواضع عدة من القرآن منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).

  • الفقراء من الناس بشكل عام

هذا المعنى يشير إلى الفقر المادي، أي الحاجة إلى المال، كما جاء في قوله تعالى: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). ويعتبر الفقراء أحد مصارف الزكاة، كما ذُكِر في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

المعاني الفرعية للفقر

تم استخدام مصطلح الفقر في القرآن الكريم بمعانٍ فرعية لم يتم ذكرها إلا نادراً، ومنها ما يلي:

  • الفقراء من المهاجرين تحديداً

كما ورد في قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ)، يقصد هنا الفقراء المهاجرين من قريش الذين جاءوا إلى المدينة بلا موارد مالية. وقد تم التأكيد على ضرورة تقديم الصدقات لهم، كما يمكن أن يتضمن هذا المعنى أهل الصفّة. ويشتمل هذا المعنى أيضاً على الفقراء المهاجرين كما ورد في قوله: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ).

  • الطعام

ورد استخدام لفظ الفقر بمعنى الطعام مرة واحدة في القرآن، حيث تحدث موسى عليه السلام قائلاً: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، وقد رُوي أن موسى -عليه السلام- لم يسأل الله -تعالى- إلا عن الطعام.

آيات تتحدث عن لفظ الفقر في القرآن الكريم

ذُكرت كلمة الفقر في القرآن الكريم بكافة صيغها ومشتقاتها، وفيما يلي الآيات التي ذُكرت فيها:

  • قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ).
  • قال تعالى: (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ).
  • قال تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
  • قال تعالى: (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ).
  • قال تعالى: (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا).
  • قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).