معبد الإله خونسو بالكرنك واحد من أبرز المعابد المصرية القديمة التي يظهر بها عظمة البناء وقدرة الفرعوني على الإبداع في تصميم ما يخص عبادته ومعتقداته، وإلهه واحد من الآلهة الفرعونية التي تم إجراء الكثير من الأفلام السنيمائية على قصته، لذا نتناول معبده فيما يلي عبر موقع سوبر بابا.
معبد الإله خونسو بالكرنك
“خونسو Khonsu ” إله القمر العضو في ثالوث طيبة، واحد من أهم الآلهة في عهد المصريين القدماء الذي سوف يفتح لنا مجال الحديث عن واحد من أبرز المعالم السياحية والأثرية في جمهورية مصر العربية “معبد خونسو”.
قد اشتق اسمه من كلمة “خنس xns“ بمعنى عبور السماء، وهو اسم كان يطلق على المسافر ليلًا في العصور القديمة، وعلى إثره قد تم بناء معبد الإله خونسو بالكرنك بعهد الملك رمسيس الثالث أحد أكبر رموز الفراعنة المصريين.
يعد الإله خونسو ابنًا للإله آمون رع والإلهة موت وقد كانت تقام مهرجانات بكل عام جديد وطقوس خاصة بذلك الاحتفال يحرص المصريون على أدائها، ولهذا قد تم بناء واحد من أكبر المعابد الدينية في الكرنك ألا وهو معبد الإله خونسو لكي يتم عبادة “إله القمر”.
حيث إن الإله خونسو قد كان مرتبطًا لدى المصريين بالخصوبة والشفاء في بعض الأحيان لكل من البشر والحيوانات، بينما الأساطير تدينه بأنه نزل من السماء كي يشفي ملكًا مصريًا.
اقرأ أيضًا: أمت آكلة الموتى
تصوير خونسو في عهد الفراعنة
قد كان للإله خونسو الأهمية الكبرى لدى المصريين القدماء، فإنه ابنًا للإله آمون وعضوًا لثالوث طيبة، لهذا قد تم تصويره في معبد الإله خونسو بالكرنك حتى يتم عبادته.
كعادة تصوير الآلهة في عهد المصريين القدماء قد كان جسدهم يجمع ما بين العنصر البشري والحيواني، فكان خونسو لديه رأس صقر يعلوه القرص القمري، بينما بقية جسده على شكل رجل، وظهر كذلك في صورة المومياء أو الطفل.
كما كان يتدلى من رأسه خصلة من الشعر وعادةً ما يقبض بيديه على صولجانات أو سارات “حقا، تسد، واس ونخخ”، وكان يصور إما بيديه كلها أو نصفيها.
يمكنك التمييز ما بين خونسو والمعبودين رع أو حور من خلال قرص القمر والهلال الذي دائمًا ما يظهر أعلى رأس خونسو في تصويره، وأنه يظهر مرتديًا الثوب الضيق، ويتدلى من جانب رأسه الضفيرة ليشير التصوير أنه ابنًا في ثالوث طيبة.
بهذا يمكنك الآن فهم النقوش التي تتواجد على جدران المعبد والأسقف، فإنه يظهر بنفس التصوير في مشاهد مختلفة مع الآلهة أو بمفرده مع الملك.
بناء معبد خونسو
يقع معبد الإله خونسو بالكرنك بالركن الجنوبي الغربي من منطقة آمون في الأقصر وهي “طيبة القديمة”، لكي يقدم مثالًا ممتازًا للمعبد الصغير الكامل بعصر الدولة الحديثة، وقد تم بناؤه في عهد الملك رمسيس الثالث بعصر الأسرة 20 الفرعونية.
تم البناء لذلك المعبد على أنقاض آخر متهالك، واهتم به الكاهن حريحور والذي استولى على حكم مصر في عام 1085 قبل الميلاد، وبدأ بإدخال الزخارف على جدران الفناء الأمامي للمعبد، واستكمل بقية المباني والهياكل.
يصل طول المعبد حوالي 230 قدمًا وهو ما يعادل 70 مترًا، بينما طول الأعمدة الداخلية فيه تصل إلى 7 أمتار داخل صالة الأعمدة.
أي أن معبد الإله خونسو بالكرنك قد مر بعدة مراحل في بنائه على أيدي كثير من قامات الدولة المصرية القديمة، ففي عصر الملك بطليموس الثالث قد تم بناء البوابة الخارجية والسور الخاص بالمعبد الخارجي.
بينما قام الملك نختنبو الأول ببناء البهو داخل المعبد المعمد، والقاعة للأعمدة الكبيرة، وبعهد الملك سيتي الأول قد تم بناء مجموعة من تماثيل قرود البابون فقد استغرق الأمر ثلاثة عقود حتى يتم إكمال بناء المعبد.
المخطط الداخلي لمعبد خونسو
على الرغم من أن معبد الإله خونسو بالكرنك واحد من التصميمات الصغيرة للمعابد في عصر الدولة الحديثة، إلا أنه أكثرها اكتمالًا، وذلك ما جعل من المخطط الداخلي له يستدعي الكثير من الدراسة والفهم لمعنى كل رمز بداخله.
حيث يحتوي المعبد على فناء به 28 عمودًا يحددون رواقه، ومقسم إلى أربع مجموعات، كل مجموعتين منها تحتوي على ثمانية أعمدة، بينما الأخيرتان تحتويان على ستة أعمدة فقط وترتكز على منصة مرتفعة.
بالجزء الخلفي من الفناء يتواجد مدخل يفتح على قاعة الأعمدة، والتي تتكون من ثلاث بلاطات وممرين، وسقف الصحن المركزي ارتفاعه 7 أمتار.
بينما تحتوي قاعة الأعمدة وهي عبارة عن صالة بها 4 أعمدة في الوسط وعمودان بالموقع، وتتواصل تلك الصالة الكبرى للأعمدة مع حرم الباركيه.
يتواجد بالمعبد كذلك ثلاث مصليات لعبادة الثالوث، بالإضافة إلى الغرف لتخزين القرابين، ويتوافر به الكثير من النقوش والمنحوتات التي توضح أن من بدأ بنائه هو الملك رمسيس الثالث.
بينما الجزء السفلي بأكمله بالجدار الغربي يخلو من أي نقوش بارزة باستثناء الصليب، ولم يتم النحت سوى لإفريز مخصص باسم رمسيس الرابع “محبوب خونسو”، وبإلقاء نظرة على الجدار الشرقي لتلك القاعة فإن السجل السفلي لليمين نرى أن يد الملك تقدم القربان لكل من آمون وموت الواقفان بجانب الخرطوشة ويظهر خونسو هنا يعلوه هلال.
بالجزء الخلفي من قاعة بارك التي تؤدي إلى البرونوس قد تم تصوير مجموعتين من الثمانية آلهة يعبدون خونسو المتواجد بداخل هلال رقيق، فيظهرون يعبدون قرص القمر المتواجد أعلى رأسه، بينما يظهر الملك وهو يعطي خونسو إنائين من النبيذ.
ترميم معبد خونسو
قد أعلن وزير الآثار د. خالد العناني أنه قد تم افتتاح معبد الإله خونسو في الكرنك للزيارة بعد أن تم الانتهاء من إجراءات ترميمه بعام 2019، والجدير بالذكر أن ترميمه قد كلف حوالي 11 مليون جنيهًا مصريًا.
حيث قد تم التدعيم والترميم للأسقف والجدران، كما أنه قد تم التنظيف المناظر والأعمدة وإزالة الترميم القديم الذي كان من وقت السبعينيات والستينات وذلك وفقًا للطرق الحديثة العلمية، والترميم لبوابة بطليموس الثالث التي تربط ما بين معبد خونسو وطريق الكباش.
فقامت البعثة بوضع المشايات من الخشب كي يتم التسهيل في الوصل ما بين المعبد وتسهيل الزيارة، كذلك قد تم إضافة معمل مجهز بالوسائل العلمية الحديثة التي تسهل الترميم والتدريب للشباب الأثريين.
معبد خونسو واحد من أبرز الأماكن الأثرية التي تتواجد داخل معبد الكرنك، وعلى الرغم من صغره إلا أنه النموذج الكامل للمعبد المصري القديم، وهو ما يجذب قاعدة عريضة من الناس بمختلف الجنسيات.