معلومات عن تركستان الشرقية والإسلام

معلومات عن تركستان الشرقية والإسلام

معلومات عن تركستان الشرقية والإسلام يجب على كل مسلم معرفتها، لما قد شهدته تلك البقعة من ازدهار الإسلام في عصره الذهبي، وما عانه شعبها في عصرنا الحالي، ومن خلال موقع سوبر بابا نتناول معلومات عن تركستان والإسلام ونوضح ما حل بها من أزمات.

معلومات عن تركستان الشرقية والإسلام

تعد تركستان أحد أهم قلاع التاريخ الإسلامي والتي يغفل عنها الكثير من المسلمين، حيث امتلكت المواقع الاستراتيجية لدولة الإسلام في عصرها الذهبي، كما يعد إقليم كردستان من أهم أقاليم الدولة الإسلامية، والذي قاوم كثيرًا للحصول على الاستقلال الفكري والديني.

أولًا: التاريخ الإسلامي لتركستان الشرقية

بعد زحف الفتوحات الإسلامية إلى الشرق حيث تمكنت جيوش المسلمين من عبور وسط آسيا، تمكن القائد المغوار قتيبة بن مسلم من الوصول إلى كاشغر والتي تقع في غرب تركستان الشرقية، الأمر الذي مكن المسلمين من نشر الدعوة في تركستان الشرقية، خلال فترة حكم الدولتين الأموية والعباسية.

كما شهد عام ٢٣٢ هجريًا اعتناق الخاقان ستوف بوغرا، كما تبعه أبنائه كل من موسى وهارون والذين كانوا يلقبون بلقب الخاقان أيضًا، الأمر الذي عزز موقف الدين الإسلامي ومكن له في تلك البقعة من الانتشار والتوغل بين الشعوب الأسيوية، وبعد ترسخ الإسلام انتشرت اللغة العربية بالتبعية.

حتى أصبحت اللغة الرسمية في كثير من مجالات الكتابة، كما أنجبت تركستان الشرقية العديد من العلماء الذين أثروا التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بالكثير من الإسهامات، انتشر الدين الإسلامي كذلك في غرب الصين وكان من يحمل مسؤولية الدعوة هناك هم أبناء تركستان الشرقية.

ليصبح الدين الإسلامي هو الدين الرسمي في هذه البقعة من قارة آسيا، كما شهدت تلك المرحلة الزمنية ازدهار الدين الإسلامي لاسيما بعد إسلام المغول، وبقيت تركستان بعد تلك الحقبة دولة إسلامية مستقلة.

اقرأ أيضًا: غزوة أحد أسبابها ونتائجها

ثانيًا: سقوط تركستان الشرقية

كان الوضع في تركستان الشرقية مستقر والإسلام في قمة ازدهاره، حتى جاءت أسرة المانشو عام ١٦٤٤ ميلاديًا، فكانت بداية حكم تلك الأسرة بالحرب الضارية على الإسلام والمسلمين، من خلال حملات الإبادة والتنكيل حتى اضطر الشعب المسلم للدفاع عن أنفسهم وحمل السلاح، عام ١٦٤٨ ميلاديًا.

لم يجد المسلمين المسالمين إلى أن يدافعوا عن أنفسهم في مواجهة طغيان أسرة المانشو وكل ما يطالبون به هو الحرية الدينية فقط، الأمر الذي أرهقهم وكلفهم العديد من الشهداء الذين كانوا يعدوا بمئات الآلاف من الأرواح ووجهت مطالب المسلمين بحرية العقيدة بالقمع والإبادة دون علم باقي البلاد الإسلامية لنجدتهم.

انتهى الأمر باستيلاء الصينيون على الأراضي التركستانية الشرقية، ووضعوا أيديهم الآثمة على ثرواتها التي لا تعد ولا تحصي، بعد أن قتلوا أكثر من مليون شهيد مسلم، كما ألغت الإمبراطورية الصينية آنذاك نظام البكوات المعمول به في تركستان لسنوات طويلة وقاموا بتوحيدها في مقاطعة واحدة.

كما عملت الصين على سياسة الاستعمار والاستيطان من خلال الدفع بمئات الآلاف من الصينيين إلى تركستان الشرقية محاولة منهم لطمس الهوية الإسلامية، لكن المسلمين لم يتخاذلوا في الدفاع عن دينهم واستمرت الثورات الإسلامية برغم القمع الوحشي من الصينيين.

امتدت الثورات الإسلامية لأكثر من مائة عام، حتى ظفروا بالاستقلال في عام ١٨٦٥ ميلاديًا، لكن دولة تركستان الشرقية الإسلامية المستقلة لم تجد دعمًا من المجتمع الدولي، بسبب التوسع الروسي خلال فترة التسارست خشيت حكومة بريطانيا من سقوط تركستان الشرقية تحت الاحتلال الروسي، لذلك تحالفت مع حكام منجو الصينية، وقدموا كل الدعم في مقابل احتلال تركستان الشرقية مرة ثانية.

بالفعل تمكنت القوات الصينية من استعمار الإقليم مرة أخرى عام ١٨٧٦ وأطلق الصينيون عليها اسم شينج يانج، وفي عام ١٨٨٤ دخلت تركستان الشرقية وضمها لحدود إمبراطورية المنجو، وعندما وصلت الحكومة الوطنية الصينية للحكم عام ١٩١١ انتهز شعب تركستان المسلم الفرصة لنيل الاستقلال، فقاموا بعدة ثورات وتمكنوا من التحرر بالفعل مرتين، عام ١٩٣٣ وعام ١٩٤٤ حيث تمكنوا من إعادة الدولة الإسلامية والحصول على الاستقلال.

كان على تلك الدولة الإسلامية أن تواجه مستبدا آخر وهو المستعمر الروسي، حيث أرسلت الحكومة الروسية قواتها البرية والجوية إلى تركستان الشرقية؛ لإنهاء تلك الدولة قبل أن تنضم مع باقي الدول الإسلامية في آسيا لمواجهة المد الشيوعي وتقوية الكيان الإسلامي، الجدير بالذكر أن الصينيون قتلوا مئات الآلاف من المسلمين الأبرياء لضم تركستان مرة أخرى.

ثالثًا: الحكم الشيوعي لتركستان الشرقية

كانت بداية حكم جمهورية الصين الشيوعية لإقليم تركستان بالمذابح والإبادات والقمع كعادتها مع المسلمين، وأخذت جميع الإجراءات لمسح الإسلام من العقول وطمس الهوية وإذابة المسلمين وسط الصينيين، كما أنشأت المئات من معسكرات العمل الإجباري لاستغلال العمال والفلاحين المسلمين الذين يشكلون الغالبية العظمى للسكان.

كما ألغت الشيوعية الصينية جميع الملكيات الخاصة وتم مصادرة جميع ثروات تركستان الشرقية حتى الحلي التي تلبسها النساء، وجعل العمل إجباري في ظروف غير آدمية دون أجر والطعام جماعي وعملت أيضًا على تفكيك الأسر وتفريق الأزواج عن بعضهم، كما عزلت الصين تركستان عن العالم الإسلامي فحددت إقامة المسلمين، كما منعت دخول أي مسلم من الخارج.

كما منع الحكم الشيوعي جميع الشعائر الإسلامية لطمس الهوية، مثل الصلاة والصوم وأعدمت المصاحف، كما أجبرت الشيوعية الصينية أهل كردستان المسلمين على اعتبار ماوتسي تونج أنه إله حي، وعلى الجميع تنفيذ تعاليم الشيوعية دون مناقشة، وعدم الاعتراف بأي إله آخر.

فكانت النتيجة الطبيعية لكل هذا القمع والاستبداد أن قام الشعب المسلم الحر من أبناء تركستان الشرقية بعمل عشرات الثورات ما بين عام ١٩٤٩ و١٩٦٨ ميلادي؛ للنجاة بدينهم وهويتهم والحفاظ على ثروات بلادهم، وكان الرد الغاشم بالتعذيب والتنكيل والإعدام حتى وصلت أعداد الضحايا إلى ٣٦٠ ألف من المحكوم عليهم بالإعدام و٥٠٠ ألف معتقل في معسكرات العمل غير الآدمية بينما نجح ٢٠٠ ألف مسلم من الهجرة.

رابعًا: مرحلة ما بعد ماو تسي تونج

بعد موت الطاغية ماو تسي تونج مؤسس الشيوعية الصينية والذي كان رمزًا للقمع والإبادات للمسلمين وغيرهم، لم يتغير الوضع كثيرًا فقد كانت الشيوعية مترسخة بعد كل تلك المذابح والإعدامات للزعماء الوطنيين ورجال الدين في تركستان الشرقية، والقضاء على جميع تعاليم ومبادئ الإسلام وطمس معالم الحضارة الإسلامية.

في المرحلة التي تلت موت ماو تسي تونج قد تخلت الحكومة الصينية عن أسلوب الإرهاب المكشوف واتبعت أسلوبا جديدا في تحويل ثقافة تركستان الشرقية من الإسلامية إلى الصينية، وفي يوم ٥ من أبريل في عام ١٩٩٠ أراد أهل إحدى القري أن يبنوا مسجدًا، فما كان من الحكومة الشيوعية إلى أن شنت هجومًا ضاريًا بجميع الأسلحة العسكرية أرضًا وجوًا.

إلى جانب الاشتباكات بالرصاص والقنابل اليدوية وراح ضحية تلك المجزرة الوحشية أكثر من ستين مسلم، واعتقل ما يتجاوز الألف ومنهم من لم يتم إطلاق سراحه حتى هذه اللحظة، وقد ذكر سونج هان ليانج رئيس الحزب الشيوعي في المقاطعة هذه الواقعة في اجتماع اللجنة المركزية لأعضاء الحزب، الأمر الذي جعل السلطات الصينية تتخذ بعض الإجراءات.

  • إجبار رجال الدين المسلمين على استخراج تصاريح تفيد أنهم مواليين للحكومة الشيوعية.
  • إرسال الأئمة ورجال الدين إلي معسكرات العمل لتحويلهم إلى شيوعيين بالإجبار.
  • إجبار رجال الدين على توقيع تعهد بالتوقف عن تعليم المسلمين مبادئ الشريعة الإسلامية.
  • إيقاف بناء أي مساجد في تركستان الشرقية بحجة أن صوت الأذان يزعج السكان.
  • منع الشعب المسلم في تركستان من ممارسة أبسط حقوقه في التعليم وحرية العقيدة والتعبير.

اقرأ أيضًا: عدد المشركين والمسلمين في غزوة تبوك

وضع المسلمين في تركستان الشرقية

إذا كانت الأقليات في الصين تعاني من القمع عامةً فإن المسلمين يعانون من أشد أنواع العذاب والاضطهاد، وخاصةً مسلمي الإيجور وهم في الأصل من تركستان الشرقية ولا يتبعون للصينيين، وقد عملت الحكومة الصينية على تقليل عددهم إلى ثمانية ملايين بعد أن كان عددهم يتخطى الثمانية عشر مليون مسلم.

فقد خضع مسلمي الإيجور الذين يعيشون في تلك المنطقة إلى قاعدة الطفل الواحد التي تتبعها الحكومة الصينية المستبدة، كما تم استقدام العديد من مواطني الهان بحجة توفير العمالة اللازمة للإقليم، كذلك تم نقل الكثير من الإيجور إلى أماكن أخرى في الصين لإذابة التكتلات الإسلامية.

وصلت نسبة المسلمين في الإقليم إلى ٤٥% في وقتنا الحالي وتطلق عليهم الحكومة الصينية بعض المسميات العنصرية مثل الإرهابيين أو الانفصاليين، كما يتعرض مسلمين الإيجور للكثير من الانتهاكات غير الإنسانية والأعمال غير الآدمية، كما يحاكمون دائمًا بالإرهاب والتاريخ شاهد أنهم من تعرضوا للإرهاب على مر تاريخهم.

جغرافية تركستان الشرقية

كلمة تركستان اصطلاحًا تعبر عن أرض الترك وتنقسم جغرافيا إلى تركستان الغربية وهي كلمة تطلق على منطقة آسيا الوسطى، وتركستان الشرقية التي تخضع الآن لحكم الصين، تعرف باسم مقاطعة شين جيانك حيث يحدها من جهة الشمال الغربي كازاخستان وطاجكيستان وقيرغيزستان الجمهوريات الثلاثة الإسلامية.

تمتد تركستان الشرقية على مساحة تتجاوز مساحة إيران، حيث تصل المساحة التي تشغلها حوالي ١٨٥٠٠٠٠ كيلو متر مربع أي ما يعادل خمس المساحة التي تشغلها دولة الصين، كما تعد في وقتنا الحالي أكبر المقاطعات التي تحكمها الصين، حيث قامت الصين في عام ١٨٨١ باحتلال تركستان وضمها لمقاطعات الصين عنوة.

اقرأ أيضًا: لماذا سميت غزوة الخندق بهذا الاسم

ثروات تركستان الشرقية

تعتبر أرض تركستان الشرقية من أكثر الأراضي الغنية بالثروات المعدنية والموارد غير المتجددة، فتمتلئ تلك البقعة بالحديد والذهب واليورانيوم كذلك معدن الرصاص بالإضافة إلى الأملاح الطبيعية، ووفقا للإحصائيات مخزون الثروات التي تحتويها الأراضي التركستانية الشرقية تكفي احتياجات الصناعات العالمية لقرون.

إلى جانب الثروات الحيوانية والزراعية التي تذخر بها تركستان الشرقية حيث بلغت أنواع الحيوانات على أرضها أكثر من ٤٤ نوعًا، كما يصل مخزون الفحم إلى نحو ٦٠٠ مليون طن، كما أجود أنواع اليورانيوم الذي يعد سلعة استراتيجية.

الأمر الذي جعل تركستان الشرقية مطمعًا لدولة الصين ومخزنًا لصناعتها الحربية، نظرا لأن الصواريخ العابرة للقارات والصواريخ النووية التي تنتجها الصين، مصدرها تركستان الشرقية، لما تمتلكه من مخزون ضخم من النفط.

تستطيع تركستان وحدها أن تنتج ما يعادل ٢٧.٤ مليون طن من النفط سنويًا، حيث يبلغ جملة المخزن نحو ٨.٢ مليار طن والذي يعد مخزونًا عملاقًا مقارنةً بغيرها، أما عن مخزون الغاز الطبيعي يصل إلى 10.8 تريليون متر مكعب.

بينما يمر المسلمون في تركستان الشرقية بالكثير من الانتهاكات والقمع، يقابل ذلك بالكثير من التجاهل والتغافل من قِبل الحكومات الإسلامية حول العالم.