السيدة عائشة رضي الله عنها
أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، القرشية، التيمية، المكية، هي زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأعرف نساء العالمين فقهًا. والدها هو عبد الله بن أبي قُحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي التيمي، وكان من أصحاب رسول الله وخليفته، حيث يلتقي نسبه مع النبي في مرة بن كعب. وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة الكنانة.
ميلاد ونشأة السيدة عائشة
ولدت عائشة رضي الله عنها بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع أو خمس سنوات. نشأت في أسرة مسلمة من السابقين إلى الإسلام، ثم هاجرت مع النبي إلى المدينة المنورة. تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بسنتين أو ثلاث بعد وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها، ويقال إنه تزوجها بعد سودة بنت زمعه. كانت في السادسة من عمرها حين الزواج، ولكنه لم يعقد عليها حتى بلغت التاسعة.
تُعتبر عائشة ثاني زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة أو ثالثهنّ بعد سودة، وكانت البكر الوحيدة بينهن. لذا بلغت في قلب النبي منزلة كبيرة، لم تصل إليها أي من زوجاته. ولم ينجب النبي منها، لكن تمت تسميتها أم عبد الله، وهو ابن أختها عبد الله بن الزبير، أول مولود في الإسلام. توفي عنها رسول الله وهي في الثامنة عشرة من عمرها، وقد رحلت عن عالمنا ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان عام 58 هـ.
مكان دفن السيدة عائشة
عاصرت السيدة عائشة رضي الله عنها فترة إمارة معاوية بن أبي سفيان، وعاشت آخر أيامها في ظل تلك الأحداث. في شهر رمضان المبارك عام 58 هـ، أصيبت عائشة بمرض الموت. وكانت إذا سُئلت عن حالها تقول: “صالحة والحمد لله”. وقد روى أن ابن عباس رضي الله عنه استأذن للزيارة، لكنها لم تأذن له، رغم أنه أصر على ذلك. وفي نهاية المطاف، زكى ابن عباس رضي الله عنه عائشة وأحسن في ثنائها، مذكراً إياها بمقامها عند رسول الله وبما سبق من أيامها. لكنها أجابت: “دعني من تزكيتك لي يا ابن عباس، فوددت أني كنت نسيا منسيا”.
أوصت عائشة بأن تُدفن في البقيع بجوار أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفيت رضي الله عنها بعد الوتر ليلة السابع عشر من رمضان عام 58 هـ، الموافق يونيو 678 ميلادي، عن عمر يناهز سبعاً وستين سنة. شهد الناس تجمُّعاً غير معتاد في تلك الليلة، وصلّى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، الذي كان والياً على المدينة آنذاك. وقد دُفنت في البقيع بجوار أزواج النبي، وأنزلها في قبرها أبناء أخيها القاسم وعبد الله.
فضائل السيدة عائشة
أنعم الله على السيدة عائشة رضي الله عنها بشرف عظيم، فزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصاحبتها له منحها منزلة رفيعة. لم تشهد رضي الله عنها أي من أفعال الجاهلية في بيتها، إذ وُلدت لأبوين مسلمين ثم نشأت في بيت النبوة، حيث كانت تربيتها بليغة ونقية أثرت في أخلاقها.
تميزت رضي الله عنها بصفات لم تتوفر في غيرها من النساء. وقد عبرت عن فخرها بهذه الفضائل بقولها: (لقد أُعطِيتُ تسعًا ما أُعطيَتْهَا امرأةٌ، إلا مريم ابنة عمران: لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني، ولقد تزوجني بكرا وما تزوج بكرا غيري، ولقد قبض ورأسه في حجري، ولقد قمت بدفنه في بيتي، ولقد حفت الملائكة بيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه وهو في أهله فيتفرقون عنه، وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه، وأنا ابنة خليفته وصديقه، ولقد نزل عذري من السماء، ولقد خُلِقْتُ طيبةً وعند طيبٍ، ولقد وُعِدتُ مغفرةً ورزقًا كريمًا).
من فضائلها رضي الله عنها:
- اختيار الله تعالى لها لتكون زوجة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أخبرها في المنام بأنه رآها في ثلاث ليالٍ.
- بشارتها بالجنة ومرافقتها للنبي صلى الله عليه وسلم فيها، حيث تعتبر زوجته في الدنيا والآخرة.
- منزلة عائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه لها، حيث كان يجيب إذا سُئل من أحب الناس إليه: عائشة، وكان يدعوا ابنته فاطمة لحبها، واختار أن يموت في بيتها.
- براءتها في القرآن الكريم وتغليظ العقوبة لأهل الافك، فقد برّأها الله في عشر آيات تُعجز الذاكرة، مما رفع شأنها.