البيت المعمور
قال الله تعالى: “وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)” سورة الطّور. في هذه الآية الكريمة يقسم الله سبحانه وتعالى بالبيت المعمور، مما يثير تساؤلات عديدة لدى قراء كتاب الله عزّ وجلّ حول طبيعة البيت المعمور وما يتعلق به. في هذا المقال، نستعرض كل المعلومات المتعلقة بالبيت المعمور المذكور في سورة الطّور.
تم ذكر البيت المعمور في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة، حيث روى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن المثنّى أنه قال: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “رُفع إليّ البيت المعمور، فقلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، وإذا خرجوا منه لم يعودوا أبداً.” وهذا يُعتبر كعبة أهل السماء، حيث يطوفون حوله يومياً. ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البيت المعمور ليلة الإسراء والمعراج عندما عُرج به إلى السماوات العليا، وشاهد الخليل إبراهيم عليه السلام متكئاً هناك، لأنه هو من قام ببناء الكعبة المشرفة في الأرض. ويقع البيت المعمور في السماء فوق الكعبة المشرّفة مباشرة، ويدخله يومياً سبعون ألف ملك. وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن البيت المعمور هو مسجد في السماء، وأن حرمة هذا المكان عظيمة مثل حرمة بيت الله الحرام في الأرض.
الكعبة المشرّفة
يشير العلماء إلى أن الكعبة المشرّفة تعد مركز الكون بأسره وليست مجرد مركز للأرض. لقد حصل بيت الله الحرام على مكانة فريدة من نوعها، ليس لها مثيل على وجه الأرض. فالحجر الأسود وماء زمزم ليسا موجودين في أي مكان آخر، ويُذكر أن علماء إنجليز حاولوا مراراً فهم ماهية الحجر الأسود وتوصلوا إلى استنتاج أنه حجر لا يماثله أي نوع من الحجارة على الأرض. علمياً، يتم الطواف حول الكعبة بعكس عقارب الساعة، مما يسهم في تجميع الطاقة الإيجابية في جسم الإنسان والتخلص من الطاقات السلبية ارتباطاً وثيقاً بالله سبحانه وتعالى. في كل مرحلة من الطواف، يرتقي المؤمن درجةً حتى يصل إلى السماء السابعة. وقد أقر الكثيرون بأنهم يشعرون براحة وطمأنينة لا يمكن وصفها بعد الانتهاء من الطواف. وقد بُنيت الكعبة على يد سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام والملائكة، ويُطلق على موقع الكعبة داخل المسجد الحرام مسمى “بكة”، وهو المكان الأكثر قدسية لدى المسلمين. وسُمّيت الكعبة المشرّفة بهذا الاسم نظراً لشكلها المكعب.
البيت المعمور وحادثة الإسراء والمعراج
يعتبر القسم في القرآن الكريم بالبيت المعمور في سورة الطّور دليلاً على صدق حادثة الإسراء والمعراج التي أُسري فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. ثم عُرج به على ظهر دابة تُدعى “البراق” إلى السماوات العُلى. وبعد تجاوز السماء السابعة، رأى البيت المعمور حيث يتعبد الملائكة ويطوفون كما يطوف أهل الأرض حول الكعبة المشرفة، حيث يمثل هذا المكان كعبة أهل السماء. كما شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو يُساند ظهره إلى البيت المعمور، وقد نال هذه المرتبة بسبب ما قام به من بناء الكعبة المشرفة في الأرض.