جمهورية مقدونيا
تُعدّ جمهورية مقدونيا دولة أوروبية تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من القارة الأوروبية، ضمن شبه جزيرة البلقان. عاصمتها مدينة سكوبي، وتبلغ مساحتها الجغرافية حوالي 25,713 كيلومتر مربع. يتحدث السكان اللغتين المقدونية والألبانية، ويتميزون بتنوع عرقي يجمع بين المقدونيين والألبان والأتراك والبيزنطيين. تتبنى جمهورية مقدونيا نظاماً جمهورياً يتميز بوجود سلطة تشريعية تتمثل في البرلمان وسلطة تنفيذية تمثلها الحكومة.
تُعتبر جمهورية مقدونيا واحدة من أكثر دول أوروبا تعقيداً، حيث واجهت العديد من التحديات من بينها تحديد الحدود، وطبيعة الانتماء، والهوية. بدأت ملامح الاستقلال تظهر في عام 1991، عقب انهيار اليوغوسلافيا، التي كانت آخر الدول المحتلة لمقدونيا. حصلت البلاد على استقلالها رسمياً في نيسان (أبريل) 1993.
التضاريس الجغرافية
تتميز جمهورية مقدونيا بموقع استراتيجي، حيث تقع بين خطوط العرض 41° – 50° شمالاً وخطوط الطول 22° شرقًا. تحدها جمهورية كوسوفو من الشمال الغربي، وجمهورية صربيا من الشمال، بينما يحدها من الشرق جمهورية بلغاريا، واليونان من الجنوب، وتحدها جمهورية ألبانيا من الغرب.
تحتوي مقدونيا على مجموعة من القمم الجبلية الجميلة، وأعمق البحيرات، وكهوف فريدة، إلى جانب غابات كثيفة ومتنوعة. إن المناطق الطبيعية تشكل جزءاً كبيراً من الأراضي، بما في ذلك غابات جبال البيندوس، وغابات البلقان، وكذلك جبال الرودوب. تُعَدّ مقدونيا حلقة وصل بين أوروبا الغربية والوسطى والجنوبية، حيث تعمل كممر رئيسي للنقل بين هذه المناطق.
التركيبة السكانية
عاش في مقدونيا قديماً العرق التراقي المعروف بشعب البايونيناس، بالإضافة إلى قبيلة المولوسيان. تعاقبت على المنطقة العديد من القوى، بدايةً من السيطرة الرومانية، ثم البيزنطية، فالبولغارية؛ مما ساهم في انتشار المسيحية. بعد ذلك، طالتها سيطرة الإمبراطورية العثمانية، مما أدى إلى انتشار الإسلام بين السكان.
نبذة تاريخية
تُمثل جمهورية مقدونيا نقطة الوصل بين دول شبه جزيرة البلقان، التي تضم اليونان وبلغاريا وكوسوفو وألبانيا وصربيا. شهدت البلاد تحديات سياسية واقتصادية وعلاقات مع جيرانها، والتي أدت إلى ظهور جمهورية مقدونيا الحالية وحجم تآكلها عبر التاريخ نتيجة الأطماع الخارجية فيها. إليكم أبرز الأحداث التاريخية في مقدونيا:
التاريخ القديم
توجد العديد من الأحداث البارزة في تاريخ مقدونيا القديم، منها:
- عام 8 ق.م: تأسست مقدونيا القديمة المعروفة في تلك الفترة باسم اليونان القديمة عند رأس خليج ثيرماي في بحر إيجة.
- عام 4 ق.م: قادت مقدونيا بقيادة الإسكندر الأكبر، الذي يعتبر من أشهر ملوك المقدونيين، السيطرة على اليونان القديمة.
- عام 3 ق.م: توفي الإسكندر الأكبر وانقسمت الدولة المقدونية إلى دولتين: السلوقية والبطلمية.
- عام 700م: استولى البيزنطيون مجددًا على منطقة مقدونيا.
- عام 900م: استعادت بلغاريا السيطرة على مقدونيا بقيادة صامويل.
- عام 1000م: استرجع المقدونيون سيطرتهم على أرضهم من البلغاريين بواسطة الإمبراطور باسل الثاني.
- عام 1018م: عادت السيطرة البيزنطية على مقدونيا.
- عام 1200م: اتجهت السيطرة مرة أخرى إلى البلغاريين.
- عام 1300م: انتقل الحكم إلى البيزنطيين قبل أن يستولى الصرب على الحكم.
التاريخ الحديث
شهدت مقدونيا بعد 500 عام من الحكم العثماني أحداث تطور ملحوظة، مثل:
- بين عامي 1912 و1913: حرب البلقان الأولى التي أدت إلى انهيار الحكم العثماني في المنطقة، تبعها حرب البلقان الثانية بعد هجوم بلغاريا على صربيا واليونان.
- عام 1913-1929: أصبحت مقدونيا جزءاً من مملكة صربيا وكرواتيا وسلوفانيا.
- عام 1929: أُعيد تسميتها بشكل رسمي باسم مملكة يوغسلافيا.
- من 1920 إلى 1934: ظهرت منظمة امرو التي قادت حركة تحرير مقدونيا.
- عام 1923: نشبت صراعات بين حركات التحرر والدولة الصربية.
- من 1934 إلى 1946: تأثرت مقدونيا بالحرب العالمية الثانية وتغيرات السيطرة عليها.
- عام 1946: انضمت مقدونيا إلى جمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية.
- بين عامي 1991 و1993: حصلت مقدونيا على استقلالها واعتراف المجتمع الدولي بها كدولة مستقلة.
ظهرت بعد هذه الأحداث خلافات حول تسمية (جمهورية مقدونيا يوغسلافيا سابقاً) ليتسبب ذلك في نزاعات حول العلم، وقد تم حل هذه المشاكل عبر توقيع عدة اتفاقيات. يعترف أكثر من 130 دولة باستقلال مقدونيا وانضمت إلى المنظمات العالمية والأوروبية.
الاقتصاد
تمتلك مقدونيا ثروات طبيعية غنية، مثل الغابات التي تحتضن أنواعًا متعددة من الأشجار، أبرزها الصنوبر، إضافة إلى البحيرات التي تحتوي على كميات هائلة من أسماك السلمون. يُعتبر التعدين من المصادر الكبرى التي تدعم الاقتصاد، حيث تشتهر مقدونيا باحتياطياتها من المعادن الثقيلة والنفيسة، مما يعزز من قوة اقتصادها ويُمكنه من مواجهة التحديات. يُعدّ قطاع السياحة من الدعائم الأساسية للتنمية الاقتصادية، نظرًا لما تتمتع به من مقومات جمالية تجذب أعداداً كبيرة من السياح سنوياً.
التعليم العالي
يشبه نظام التعليم في مقدونيا الأنظمة التعليمية في دول العالم الأخرى، حيث يتوفر فيها العديد من الجامعات التي تُقدّم مختلف التخصصات العلمية والإنسانية. من أبرز الجامعات في البلاد:
- جامعة ميثوديوس في سكوبي.
- جامعة سانت كليمنت أوهريد في بيتولا.
- جامعة غوتشي ستيب.
- جامعة ولاية تيتوفو.
- جامعة العلوم والتكنولوجيا في أوهريد.
- جامعة السلافية سفيتي نيكول.
- جامعة مقدونيا الأوروبية.
- جامعة جنوب شرق.
الحضارة
تنقسم مقدونيا إدارياً إلى عشر مدن منها سكوبي، وبيتولا، وبريليب، وتيتوفو، وأوهريد، وفيليبس، وستيب، وغوستيفار، وكوكاني، وكومانوفو. تحتوي هذه المدن على العديد من المعالم الحضارية والتاريخية الهامة، مثل قلعة صامويل، التي تمثل فترة الحكم البلغاري الأول لمقدونيا، ودير صوفيا الأثري، والذي يعد شاهدًا على الحقبة الثانية من تاريخ مقدونيا. على الرغم من عدم وجود حدود بحرية لمقدونيا، إلا أنها تشمل أكثر من 50 بحيرة.
مدينة أوهريد تبرز كأحد أجمل مناطق مقدونيا، حيث تحتوي على العديد من الآثار والمعالم مثل البحيرات والمتاحف والكنائس والجسور. تم إدراج المدينة بالكامل ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. تعتبر بحيرة أوهريد رمزًا للجمال وتحتوي على تنوع بيولوجي فريد، بما في ذلك نباتات نادرة وحيوانات فريدة.
أما العاصمة سكوبي، فهي أكبر المدن من حيث الحجم وتعد المركز السياسي والتعليمي والاقتصادي للبلاد. تتميز المدينة بالهندسة المعمارية الرائعة والمعالم الشهيرة، مثل بحيرة فاردار وجسرها القديم، الذي يربط وسط المدينة بأحيائها التراثية القديمة. كما تعتبر قناطر سكوبي والمدينة القديمة من بين أبرز المواقع الجميلة فيها.
توجد مجموعة من المعالم السياحية الأخرى في جمهورية مقدونيا، تشمل بحيرة ماروفو، ودير القديس بندلايمون، ومتنزه بيليستر الوطني، ودير تريسافيك، وقلعة ماركو، وكهف فيرلو، الذي يُعتبر الأعمق في العالم، مما يجعله ضمن عجائب الدنيا السبع.