غزوة أحد
بعد الهزيمة الساحقة التي تعرض لها جيش الكفر في معركة بدر الكبرى، حيث تضررت نفسياً الكثير من القبائل المشركة بفقدان عدد من قادتها وزعمائها، بدأوا يبحثون عن فرص للاقتصاص من المسلمين واستعادة هيبتهم.
وقد استعانت القبائل المشركة بعائدات القافلة التجارية التي استطاع أبو سفيان إنقاذها من أيدي المسلمين، وقاموا بتجهيز جيش يضم حوالي ثلاثة آلاف مقاتل من بني كنانة والأحباش وثقيف، الذين اتحدوا بسبب كراهيتهم للإسلام.
طمع المشركون في غزو المسلمين في عاصمتهم، فتوجهوا من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث تجمعوا في منطقة جبل عينين قُرب جبل الرماة في الجزء الجنوبي الغربي من جبل أحد.
التقى الجيشان في معركة عنيفة بدأت في صباح يوم السبت من شهر شوال في السنة الثالثة للهجرة، حيث كانت السيطرة في البداية لصالح المسلمين.
أحداث غزوة أحد
استشارة النبي للصحابة
عند علم المسلمين بتجمعات المشركين بالقرب من جبل أحد، استشار النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الأنصار والمهاجرين في خطة العمل. وكان رأي بعض الأنصار يتجه نحو البقاء في المدينة للدفاع عنها وليس الخروج منها.
واتخذ عبد الله بن أبي سلول هذا الرأي؛ بينما قرر المهاجرون، وبتوجيه من عم النبي حمزة بن عبد المطلب، الخروج والاحتشاد بالقرب من جبل أحد.
اقترح النبي -صلى الله عليه وسلم- فكرة المهاجرين، وخرج بجيش المسلمين لتكوين صفوفهم قرب جبل أحد، بحيث كان الجبل خلفهم والمدينة المنورة أمامهم.
تكليف النبي للرماة
أوكل النبي -صلى الله عليه وسلم- مهمة حماية ظهر المسلمين لفريق من الرماة يقودهم عبد الله بن جبير -رضي الله عنه- حيث كان عددهم خمسين راميًا. وبداية المعركة، أظهر المسلمون شجاعة وتصميمًا وألحقوا بالمشركين العديد من الجروح.
نزول الرماة وانقلاب موازين المعركة
ومع إحساسهم بالنصر ورؤيتهم للمشركين يهربون ويتركون الغنائم، قرر بعض الرماة النزول عن الجبل لجمع الغنائم، مما كشف ظهر المسلمين. في تلك الأثناء، استغل خالد بن الوليد -كان قائدًا في جيش الكفار- الفرصة لشن هجوم مضاد على جيش المسلمين، مما شكل اختبارًا صعبًا عليهم وكانت النتيجة استشهاد العديد من المجاهدين.
تزايدت الشائعات حول وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مما زاد من إحباط المسلمين. وقد أسفرت المواجهة عن العديد من الدروس والعبر الكبيرة حول أهمية الثبات وطاعة ولي الأمر، وكيف تلعب هذه القيم دورًا حاسمًا في نتائج المعارك.
درس من غزوة أحد
يتضح من أحداث هذه الغزوة أن حكمة الله وسنته في رسله وأتباعهم تقضي بأن ينتصروا أحيانًا وأن يُهزموا أحيانًا أخرى. هذا التقلب يساعد على تمييز الفئة المخلصة من بين المؤمنين وغيرهم.
فلو انتصروا دائمًا، لدخل معهم في صفوفهم المؤمنون وغير المؤمنين، ولم يكن هناك تمييز بين الصادق والكاذب. أما إذا تعرضوا للهزيمة بشكل مستمر، فلن يتحقق هدف الرسالة. لذا، قدّر الله أن يكون هناك توازن بين الفوز والخسارة، ليظهر من يلتزم بالحق وما جاء به الرسل من تعاليم.