موقع دفن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
ثبت بالتواتر أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم دُفن في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، الواقعة في الزاوية الغربية القبلية منها، والتي تلاصق المسجد النبوي من جهة الشرق. وقد دُفن بجواره كل من أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. لم يُبْنَ المسجد على القبر، إذ أن المدفن لم يكن داخله، ومع مرور الوقت، كانت الحاجة إلى توسعة المسجد، فتقرر إدخال الحجرة الشريفة ضمن تلك التوسعة.
طريقة دفن النبي صلى الله عليه وسلم
بعد أن انتهى الصحابة رضي الله عنهم من تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء، بدأوا بالتشاور حول مكان دفنه. حيث اقترح بعضهم دفنه في المسجد، بينما رغب آخرون دفنه بجوار الصحابة. أشار أبو بكر رضي الله عنه بأنه سمع من النبي حديثاً يقول فيه إن النبي يدفن حيث يموت. بناءً عليه، قرر الصحابة رضي الله عنهم حفر قبر له في مكان وفاته. وقد شهدت الدفن الرجال أولاً للصلاة عليه وتوديعه، ثم تلتهم النساء والأطفال، حيث وُضع في قبره في منتصف ليلة الأربعاء.
أما بالنسبة لحفر القبر، فقد كان هناك رجلان في المدينة يتخصصان في ذلك. أحدهما يُعرف بأنه يحفر لأهل مكة وهو أبو عبيدة رضي الله عنه، والآخر يحفر لأهل المدينة وهو أبو طلحة زيد بن سهم رضي الله عنه. نادى العباس رضي الله عنه على الرجلين وطلب منهما أن يذهب أحدهما إلى أبي عبيدة والآخر إلى أبي طلحة، داعياً الله أن يختار الأفضل لحفر قبر نبيه. وبعد التشاور، اقترحوا أن يقوم أول من يظهر منهما بحفر القبر، وكان الأول هو أبو طلحة الذي قام بحفر اللحد للنبي صلى الله عليه وسلم ووضع على قبره تسع لبنات.
شارك في حفر القبر بعض الصحابة مثل المغيرة بن شعبة، نظراً لقرب عهده بالنبي صلى الله عليه وسلم، كما نزل في القبر علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وأخوه قثم، وشقران مولى النبي رضي الله عنهم جميعاً. واستأذن أوس بن خولي علي بن أبي طالب رضي الله عنه للنزول معهم في القبر، وقد وافق. أما شقران فقد أحضر معه قطعة قماش كان النبي صلى الله عليه وسلم يرتديها، مضعها معه في القبر، وصرح قائلاً: “والله لا يلبسها أحد بعدك أبداً”.
تشريف المدينة المنورة بوجود قبر النبي
منّ الله عز وجل على المدينة المنورة بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيها، كما ورد في حديثه الشريف: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي). ويعكس هذا الجوار وجود أهل الخير، فبجوار أهل الخير يكون الخير، والقبر يتنزل عليه رحمة الله وملائكته ورضوانه.
سُميت المدينة المنورة بهذا الاسم تكريماً لوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر صاحبيه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، بالإضافة إلى تواجد معالم مقدسة كثيرة فيها، مثل المسجد النبوي ومسجد قباء ومسجد حمزة والبقيع الذي يضم عددًا كبيرًا من شهداء الصحابة رضي الله عنهم. ويضم المسجد النبوي عدة أبواب مثل باب الرحمة، وجبريل، والشام، والنساء، ويحتوي على المسجد الأول للنبي وبيوت زوجاته وبعض الصحابة والروضة الشريفة.
تُعرف المدينة أيضاً بطيبة الطيبة، نظراً لتنزّل الوحي، ولأنها كانت ملتقى المهاجرين والأنصار، وعاصمة المسلمين الأولى، ومصدر الهداية والنور ومكان هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وسكناه في أواخر حياته ومكان وفاته. وقد دُفن فيه، ولا يُعرف مكان قبر نبيٍّ آخر إلا قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة.
قصة وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
علم النبي صلى الله عليه وسلم من خلال الوحي بقرب أجله، وقام بتوديع الصحابة رضي الله عنهم في حجة الوداع. ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، اهتزت قلوب الصحابة وانزعجت عقولهم من هول الفاجعة؛ فتوقف بعضهم عن الكلام، بينما جلس آخرون دون حركة. وقد نهى عمر بن الخطاب الناس عن القول بأن النبي قد مات، بل صرح بأنّه غاب وسيعود إليهم.
وكان أبو بكر رضي الله عنه أكثر ثباتاً، فقد دخل إلى حجرة النبي وقبله، ثم خرج إلى الناس قائلاً مقولته الشهيرة: “أيها الناس، من كان يعبد محمدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت”. وقد حدث ذلك في ضحى يوم الإثنين، في السنة الحادية عشرة للهجرة، في شهر ربيع الأول، حيث كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين عاماً.
ملخص المقال: منّ الله المدينة المنورة بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيها، إذ يقع القبر في حجرة السيدة عائشة شرق المسجد النبوي.