موقع قبر سيدنا يوسف في العالم العربي

موقع قبر سيدنا يوسف عليه السلام

من المهم الإشارة في البداية إلى أن القبر الذي اتفق العلماء على تحديد موقعه هو قبر النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، بينما لم يتم التأكد بشكل قاطع من مواقع قبور بقية الأنبياء باستثناء قبر إبراهيم -عليه السلام-. وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- في كتابه “قصص الأنبياء” وعدد من العلماء أن يوسف -عليه السلام- توفي في مصر، حيث أوصى بأن يُدفن بجوار آبائه. وقد حُنط ووضِع في تابوت، وقام النبي موسى -عليه السلام- بإخراجه من مصر ودفنه عند أهله في مكان يُعرف باسم بلاطة شرق نابلس، والذي يتميز بموقعه المرتفع.

حيث يُروى أنه عندما كان موسى -عليه السلام- في فترة التيه، سمع أن يوسف -عليه السلام- أوصى إخوته بأن يُخرجوه من مصر. فسأل عن موقع قبره، لكن لم يُعلمه أحد. فقامت عجوز بإخباره أنه يوجد في نهر النيل. فدعا موسى الله -تعالى- فحسَر الله الماء، وأخرج يوسف من المكان الذي أخبرته به العجوز. كما أورد ابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن الله -تعالى- أوحى لموسى بأن يحمل يوسف إلى بيت المقدس عند آبائه. وأخبرته إحدى نساء بني إسرائيل أن والدته تعرف مكان قبره، وعندما طلبت منه أن تكون بجانبه في الجنة حتى تُخبره بمكانه، استجاب الله -تعالى- لدعائها، وأخبرت موسى بمكان قبره. وقد نقل يوسف إلى بيت المقدس حيث وُضع قبره بالقرب من آبائه. ومن الجدير بالذكر أن قصة العجوز وموسى ذُكرت في أحاديث روى بعضها أبو داود وابن ماجة والإمام أحمد وصححها الألباني.

والجدير بالذكر أن القبر المعروف ليوسف -عليه السلام- يقع في نابلس، داخل مسجد قديم دُفن أعمدته تحت التراب، وبقيت ثلاثة أعمدة فقط. وتظهر ملامح المحراب للزوار، ويقع بجانبه بئر يعقوب -عليه السلام-. يُذكر أيضًا أن قبره يقع خارج السور السليماني من الجهة الغربية داخل مدرسة تُنسب للسلطان الملك الناصر حسن، المعروفة الآن بـ”القلعة”. ويمكن الدخول إليها من باب المسجد عبر السوق إلى عين الطواشي، وقد قام شهاب الدين اليغموري بفتح باب في السور السليماني من الجهة الغربية، وحدد مكان قبر يوسف -عليه السلام- بعلامة. كما نُقلت روايات عن الإمام الترمذي أن قبر يوسف يقع في البقيع خلف الحيز بجوار قبر يعقوب -عليه السلام-.

وفاة سيدنا يوسف عليه السلام ومواراته الثرى

أوصى يوسف -عليه السلام- بدفنه في حبرون. وعندما توفي، وُضع في تابوت ودُفن في الجانب الغربي من مصر. ومع مرور الوقت، أصبح الجانب الغربي مخصبًا بينما أجدبت الأراضي في الشرق. ثم تم نقله إلى الجانب الشرقي فأصبح مزدهرًا، وأجدب الجانب الغربي مرة أخرى. عندها وُضع في صندوق حديدي وأُلقي في البحر مثبتًا بسلاسل حديدية، فازدهر كلا الجانبين. ونجح موسى -عليه السلام- في نقله معه إلى التيه حتى وافته المنية، ثم حمله يوشع بن نون إلى الشام حيث دُفن قريباً من نابلس، أو قيل عند قبر إبراهيم -عليه السلام-، بعد إبلاغ المرأة العجوز لموسى عن مكانه في عمق النيل. وعند الحفر عليه، وُجد بجماله وبهاءه.

مدة حياة سيدنا يوسف عليه السلام

يذكر العلماء أن نبي الله يوسف -عليه السلام- عاش لمدة مئة وعشرة أعوام، وهو ما ورد عن ابن كثير -رحمه الله- من أقوال أهل الكتاب. وذكر السيوطي أنه تُوفي عن عمر يناهز مئة وعشرين سنة. ومن المهم الإشارة إلى أنه لا يوجد نص مؤكد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بخصوص ذلك، فهي منقولة عن أهل الكتاب وقد تحتمل الصواب أو الخطأ.