تاريخ مدينة الفيّوم
تعتبر مدينة الفيّوم في عصورها القديمة جزءاً من المناطق التاريخية لمصر القديمة، حيث كانت تشكل قطاعاً صحراوياً قاحلاً. ومع مرور الزمن، تحولت الفيّوم إلى منطقة خصبة تجذب السكان، وذلك بفضل تفرع أحد فروع نهر النيل وتحوله نحو المدينة في عام 7200 ق.م. وقد أظهرت الدراسات الأثرية وجود مجتمع زراعي في الفيّوم يعود إلى عام 4750 ق.م. وفي عام 4000 ق.م.، بدأ السكان في مغادرة المنطقة نحو ضفاف نهر النيل هربًا من الجفاف. ومن المثير أن أصل اسم المدينة مستمد من الكلمة المصرية القديمة “بيوم” (بالإنجليزية: Pa-yuum)، التي تعني البحيرة، وهو رمز للبُحيرة التي أنشأها أمنمحات الأول خلال الأسرة الثانية عشرة. شهدت المدينة فترة ازدهار في زمن المملكة الوسطى، التي تمتد من 2040 ق.م. إلى 1782 ق.م.، لكن مكانتها تراجعت بعد سقوط المملكة الحديثة. ومع ذلك، شهدت المدينة تحسنا خلال الفترات الرومانية والبطلمية، خاصة في عهد أغسطس قيصر، حيث يتم تنفيذ إصلاحات أدبرت إعادة الحياة للمدينة بين عامي 323 ق.م. و646م.
موقع محافظة الفيّوم
تُعد محافظة الفيّوم واحدة من ثلاث محافظات تقع في صعيد مصر شمال البلاد، وتقع في الجزء الشمالي من الصحراء الغربية. تبعد المحافظة عن العاصمة القاهرة بحوالي 90 كم في الاتجاه الجنوبي الغربي. تحدها من الشمال والغرب محافظة 6 أكتوبر، ومن الشرق محافظة الجيزة، ومن الجنوب محافظة بني سويف. أما الموقع الفلكي للمحافظة، فيقع عند خط طول 30.84 ودائرة عرض 29.31 بارتفاع يصل إلى 29م فوق سطح البحر. وتمتد الفيّوم بطول 80 كم شرقاً وغرباً و56 كم شمالاً وجنوباً، مما يجعلها تمثل 33.8% من مساحة إقليم صعيد مصر الشمالي. يبلغ عدد سكان المحافظة حوالي 2.5 مليون نسمة حسب إحصاءات عام 2006، وتتضمن وادي الريّان الذي ينخفض عن سطح البحر بـ45م. كما أن مدينة الفيّوم، والتي تشكل جزءاً من المحافظة، تنقسم إلى ستة أقسام إدارية، وتعتبر في موقع متوسطي يسهل التواصل بينها وبين الجيزة والقاهرة شمالاً وبني سويف ومحافظات الصعيد جنوباً. وتربط المدينة بالقاهرة شبكة سكك حديدية، وتغطي مساحتها حوالي 8 كم² تقريبًا، حيث بلغ سكانها حوالي 312 ألف نسمة حسب إحصاءات 2006.
الاقتصاد في محافظة الفيّوم
يعتمد اقتصاد محافظة الفيّوم على مجموعة متنوعة من الأنشطة والمصادر الاقتصادية التي تساهم في ازدهارها، ويشمل ذلك ما يلي:
- الزراعة: تشهد الزراعة في محافظة الفيّوم نشاطًا ملحوظًا، حيث يمتلك الفلاحون حوالي 90% من الأراضي الزراعية التي يزرعون فيها محاصيل الأرز والذرة والقطن في الصيف، بينما يتم زراعة الفول والقمح والبرسيم والخضروات في فصل الشتاء.
- الثروة الحيوانية: تنتج الفيّوم اللحوم والألبان من تربية الأبقار والأغنام والدجاج، حيث يوجد فيها نحو 162 ألف رأس من الأبقار و245 ألف رأس من الأغنام و4.2 مليون دجاجة.
- الثروة السمكية: تحتوي الفيّوم على مزارع سمكية في ضفاف بحيرة قارون ونهر النيل، حيث يُقدر حجم الإنتاج السمكي بحوالي 9 آلاف طن سنويًا.
- الثروة المعدنية: تتميز منطقة الفيّوم بوجود رواسب غنية بالمعادن مثل الميكا والجبس والمنغنيز، مما أدى إلى إنشاء العديد من المحاجر لاستخراج هذه الثروات المعدنيّة.
- الصناعة: تحتوي الفيّوم على مناطق صناعية مثل منطقة كوم أوشيم، حيث يصل عدد المصانع فيها إلى 116 مصنعًا، معظمها مصانع غذائية، مع وجود مصانع لمواد البناء والحراريات والصناعات الورقية والهندسية، مما وفر نحو 30-40 ألف فرصة عمل للمواطنين.
السياحة في محافظة الفيّوم
تُعتبر الفيّوم وجهة سياحية مميزة بفضل عدد من العوامل، مثل قربها من الجيزة والقاهرة، ومناخها المعتدل خاصة في فصل الشتاء. كما تعد الفيّوم موطنًا للعديد من الحضارات التي تركت إرثًا تاريخيًا مهمًا، بالإضافة إلى جمال طبيعتها الذي يتيح ممارسة أنشطة متنوعة. تشمل أهم الوجهات السياحية في محافظة الفيّوم:
- المناطق الطبيعية:
- محمية وادي الريان: تحتوي على شلالات تبعد حوالي 20 كم من مدخل المحمية، وتوفر للزوار إمكانية التجديف باستخدام الزوارق الخشبية. كما تتيح لهم مشاهدة مجموعة متنوعة من الحياة البرية مثل الغزلان والثعالب والنسر والطيور المهاجرة. تحتوي المحمية أيضًا على ثلاث بحيرات اصطناعية تجذب الطيور.
- بحيرة قارون: كانت تغطي بحيرة قارون مساحات واسعة من المحافظة، لكنها تعاني من الاستنزاف نتيجة القنوات التي شقها الفراعنة. اليوم، تمتد بحيرة قارون على 42 كم ويصل عمقها إلى 45م تحت مستوى سطح البحر، وتستقر فوقها العديد من الطيور المهاجرة.
- المناطق الأثرية:
- وادي الحيتان: يعتبر موقعًا أثريًا غنيًا بالحفريات المتنوعة ويعود تاريخه إلى ما قبل التاريخ. يحتوي الوادي على 400 هيكل عظمي لحيتان ومدى واسع من الأحافير. يضم الوادي أيضًا متحفًا دائري الشكل يقدم معلومات عن الأحافير والتغيرات المناخية.
- هرم ميدوم: يقع شمال شرق مدينة الفيّوم ويعد الأشهر بين الأهرامات، حيث بناه الفرعون سنفرو. يعاني الهرم من الانهيارات نتيجة تصميمه، ولكن الجزء الأساسي لا يزال قائمًا ويصل إليه عن طريق درجات تؤدي إلى غرفة دفن.
- هرم هوارة: يأتي في مقدمة أهرام الفيّوم، وتم تصميمه كمتاهة تحتوي على 3000 غرفة. كان مغطى بالحجر الجيري لكن لم يتبقى منه سوى بنائه الجوهري المصنوع من الطوب الطيني.