موقع مدينة كوبا الجغرافي

جمهورية كوبا

تعتبر كوبا واحدة من الدول الواقعة في مدخل خليج المكسيك في منطقة الكاريبي، وتتكون من جزيرتين رئيسيتين وعدد من الأرخبيلات. تتميز عاصمتها، مدينة هافانا، بكونها من أكبر المدن في البلاد، وتعتبر سانتياغو دي كوبا واحدة من المدن الرئيسية الأخرى. يُعتقد أن الاسم “كوبا” مشتق من كلمة “كوباو” بلغة التاينو، وتعني الأراضي خصيبة الوفرة، أو “كوبانا” بمعنى المكان العظيم. وفقًا لبعض الروايات، فإن كريستوفر كولومبوس هو من أطلق هذا الاسم تيمناً بكوبا القديمة الواقعة في البرتغال.

نبذة تاريخية عن كوبا

قبل وصول المستعمرين الإسبانيين، كانت كوبا موطنًا لشعوب أمريكا الأصليين مثل التاينو والسيبوني، والذين اهتموا بممارسات الزراعة والصيد، بالإضافة إلى تجارة النحاس. وقد تم العثور على قطع أثرية تشير إلى وجود نشاطات تجارية في البر الرئيسي.

وصل إلى كوبا الرحالة كريستوفر كولومبوس، الذي ضمّ الجزيرة إلى المملكة الإسبانية وأطلق عليها اسم “خوانا”. وقد أسس دييغو فيلاسكيز دي كوييار أول مستوطنة إسبانية هناك. كما قام الإسبانيون باستعباد السكان الأصليين الذين رفضوا اعتناق المسيحية، واستغلوا عملهم في البحث عن الذهب.

تعرض السكان الأصليون للاختفاء بسبب عدة عوامل، أبرزها انتشار الأمراض المعدية، وخاصة الأوبئة الأوروبية، بسبب عدم وجود مقاومة طبيعية لديهم، بالإضافة إلى الاستعمار القاسي من قبل الإسبانيين الذي أدى إلى تلاشيهم.

حروب الاستقلال

استمرت كوبا في تبعيتها للمملكة الإسبانية لحوالي أربعمئة سنة. وخلال القرن التاسع عشر، شهدت المستعمرات الإسبانية في أمريكا اللاتينية ثورات من أجل التحرر، باستثناء كوبا التي منحتها التاج الإسباني لقب “الجزيرة الأكثر ولاءً”. لكن تمردًا قاده كارلوس مانويل دي سيسبيديس أدى إلى نشوب حرب السنوات العشر، وانتهى الصراع بتوقيع معاهدة زانخون التي نصت على منح كوبا بقدر أكبر من الحكم الذاتي. لاحقًا، قاد الثائر الكوبي كاليكستو غارسيا حربًا أخرى تُعرف بالحرب الصغيرة ولكنها لم تحظ بدعم كافٍ في تلك المرحلة.

مع حلول نهاية القرن التاسع عشر، تم إلغاء تجارة الرقيق، لكن بقيت جماعات من السكان ذوي الأصول الإفريقية تعاني من الفقر والظلم الاجتماعي والاقتصادي. كما أدت حالة الفقر إلى ثورة في الريف الإسباني، مما زاد من موجات الهجرة الإسبانية إلى كوبا، وتجددت الدعوات للمطالبة بالاستقلال بسبب السياسات القمعية التي مارستها إسبانيا.

خلال هذه الفترة، أنشأ خوسيه مارتي الحزب الثوري الكوبي من منفاه في نيويورك، وهدف إلى تحقيق استقلال كوبا. وبعد فترة قصيرة من تأسيس الحزب، بدأ القتال ضد الوجود الإسباني، حيث قُتل مارتي في معركة دوس ريوس ليصبح بعدها رمزًا وطنيًا كوبا.

تعتمد الثورات الكوبية آنذاك على أسلوب حرب العصابات بسبب نقص عدد المتمردين مقارنة مع قوات الجيش الإسباني. ووفقًا لإحصائيات الصليب الأحمر، لقي حوالي أربعمئة ألف مدني كوبي حتفهم بسبب المجاعة والأمراض خلال تلك الفترة، مما أدى إلى احتجاجات من الدول الأوروبية والولايات المتحدة ضد السياسات القمعية الإسبانية. أرسلت الولايات المتحدة بارجة إلى كوبا لحماية المواطنين الأمريكيين هناك، لكن اعتبر الإسبان ذلك تهديدًا، مما أسفر عن تفجير البارجة ومقتل حوالي ثلاثمئة شخص. وقد أظهرت التحقيقات بأن الانفجار نجم عن لغماً مزروعًا، ولا يزال النقاش حول أسبابه مستمرًا حتى يومنا هذا.

وقعت معاهدة باريس التي أنهت الحرب بين الولايات المتحدة وإسبانيا، حيث تنازلت إسبانيا عن عدة أراضٍ لصالح أمريكا، بالإضافة إلى التخلي عن سيطرتها الكاملة على كوبا. تلا ذلك قرار الرئيس روزفلت بإلغاء تلك المعاهدة ومنح الاستقلال التام لكوبا، ولكن الدستور الجديد للجمهورية الكوبية نص على حق الولايات المتحدة في التدخل في الشؤون الكوبية وإدارة علاقاتها الخارجية وشؤونها المالية، وجرى استئجار قاعدة خليج جوانتانامو.

كان توماس استرادا بالما هو أول رئيس لكوبا بعد الاستقلال، لكنه واجه تمردًا أدى إلى احتلال الولايات المتحدة للجزيرة وتعيين تشارلز إدوارد ماغون حاكمًا لها لمدة ثلاث سنوات. في عام 1908، تم منح كوبا الحكم الذاتي مجددًا، وتم انتخاب خوسيه ميغيل غوميز رئيسًا تحت إشراف وتدخل أمريكي. تلت ذلك أحداث شهدتها كوبا خلال الحروب العالمية، ومرت البلاد بالعديد من الانقلابات التي أسفرت في النهاية عن انتخاب باتيستا رئيسًا لكوبا، قبل أن تنطلق الثورة الكوبية الشهيرة بقيادة فيدل كاسترو وأرنستو تشي جيفارا.