تاريخ النهر وأسباب تسميته
يُعتقد أن نهر العاصي سُمي في الأصل “تايفون”، وذلك تيمناً بتنين أُصيبت به صاعقة واختبأ تحت الأرض في القرن التاسع قبل الميلاد. أطلق عليه الآشوريون اسم “أرانتو”، بينما أطلق المصريون عليه اسم “أراونتي”. يُعتقد أن الاسم مستمد من كلمة “Arnt” السريانية والتي تعني “اللبؤة”. أما في الآرامية، فكان يُعرف باسم “آلهة الماء”، وفي النهاية تحول الاسم إلى “Orontes” في اليونانية. على مر العصور، شهد النهر العديد من المعارك والانتصارات، أبرزها معركة قادش التي قادها رمسيس الثاني ملك مصر، بالإضافة إلى معركة بين آشور ودمشق عام 853 قبل الميلاد. من الناحية الملاحيّة، لم يكن النهر مناسبًا للسُفُن، لكنه اكتسب أهميته بفضل الطريق الذي يمتد على ضفتيه، ويتصل بمدن مثل انطاكيا وحمص ودمشق.
أهمية النهر في العصر الحديث
تُستخدم مياه نهر العاصي في ري المساحات الزراعية في ثلاث دول. حيث تحصل لبنان على 6%، وتركيا على 36%، بينما تستحوذ سوريا على النسبة الأكبر، وهي 58% من المياه، والتي تصل إلى حوالي 350 ألف هكتار من الأراضي الزراعية. تُسهم مياه النهر في سهل البقاع في زراعة الفواكه والخضراوات والمحاصيل الحقلية. محافظة إدلب ووادِي الغاب في سوريا يحصلان على معظم مياه الري من النهر، بينما يستفيد سدان “كارمنالي” و”يارسي” في تركيا من الموارد المائية ذاتها. في عام 2009، أبرمت سوريا وتركيا اتفاقية لإنشاء سد على الحدود. تُعتبر كل من لبنان وسوريا من أكثر البلدان استخدامًا لمياه نهر العاصي، قبل أن تصل كميات قليلة منه إلى تركيا. يعتبر نهرا كاراسو وعفرين من الروافد الأساسية للنهر، وتُعد مدينتا حمص وحماة في سوريا ومدينة أنطاكيا في تركيا من أهم المدن المجاورة للنهر.
التنوع البيولوجي للنهر
تحتوي منطقة نهر العاصي على مجموعة متنوعة من موائل الحياة البرية، بدءًا من منابع الينابيع الجوفية في لبنان وصولاً إلى الجبال والوديان في سوريا، وكما تمتد على الساحل التركي نحو البحر الأبيض المتوسط. تشمل هذه الموائل أشجار الأرز والزيتون وكروم العنب، وتُعد موطناً لمجموعة متنوعة من الطيور والزواحف. في لبنان، تتميز غاباتها وسهولها بتنوع حيوي كبير، بينما تحتوي المناطق المجاورة للنهر في سوريا على غابات البلوط وأشجار الصنوبر وكذلك الزواحف والطيور والدببة. كما تضم تركيا غابات مختلطة بالإضافة إلى بحيرات وغابات بلوط، وتُحتوي على طيور مفترسة وقطط برية. وقد تم إعطاء الأولوية في لبنان لجهود إعادة تأهيل الموائل الطبيعية ومراقبة الطيور للتعرف على التغيرات في سلوكها نتيجة الاحتباس الحراري. من جهة أخرى، تتخذ سوريا خطوات جديدة للحفاظ على الحياة البرية في نهر العاصي.