نقد فني لفيلم عسل أسود

نقد فني لفيلم عسل أسود

النقد الفني لفيلم عسل أسود لا ينفي كونه من أفضل الأفلام العربية التي جسدت الواقع المصري، فجاء بعيدًا عن الأفلام الضعيفة، التي تستهدف الربح دونًا عن المعاني السامية والأخلاقيات، أو تحقيق استفادة للمشاهدين.. وفي سوبر بابا نسرد مناقشة النقاط حول الفيلم.

نقد فني لفيلم عسل أسود

جاء الفيلم في إطار من الكوميديا السوداء والسخرية والواقعية في آن واحد.. وهي عادة أحمد حلمي أن يأتي بمواضيع جريئة في طرحها، فتكون بحاجة إلى مزيد من التفكير لفهم المغزى من ورائها.

فلم يُجارِ السينما المصرية الهابطة، والأفلام ذات الطابع الروائي المكرر، والسطحية في المعروض دون مغزى هام، إنما كانت أفلامه ذات حضور عالي بين الجمهور.

عُرض الفيلم عام 2010م، وجمع بين باقة من نجوم الفن، وكلٌ أدى دوره بشكل رائع، لتكون أدوارهم في هذا العمل الفني هي الأفضل في مسيرتهم.

هذا لا ينفي أن هناك نقد فني لفيلم عسل أسود أعرب عنه كثير من النقّاد.. لاسيما مشهد الضرب في المظاهرة، فقد كان فيه مبالغة اعترض عليها البعض.

لأن المواطنين من غير حاملي الجنسية لا يتعرضون لمثل تلك الموقف، على الرغم من أن المواطن الأجنبي لا يُساوي المواطن المصري على الإطلاق.

اقرأ أيضًا: أعمال هشام رستم

مشهد لقاء مصري مع مرفت

نقد فني آخر لفيلم عسل أسود استوقف أحد النقاد، حينما التقى مصري مع صديقة طفولته “مدرسة اللغة الإنجليزية” ميرفت، والتي لا تجيد النطق بالإنجليزية!

فتجادلا في خطأها الملحوظ في النطق، فإذا بالحوار الكلامي بينهما يستحيل نزاعًا بدنيًا.. وهو ما أثار حفيظة المُشاهد، فما الداعي من تطور لغة الحوار في السيناريو؟

أم كونها أنثى سمح بذلك المنحنى الدرامي؟ فعلى الرغم من أن المشهد قصير في الفيلم إلا أنه لم يمر مرور الكرام، ولم تكن لقطة عابرة، فالشاب الأمريكي لا يتعدى على أنثى.

فهناك ضعف درامي ملحوظ في تكوين المشهد، ناهيك عن ردّها على تعنيفه، وهذا كله ما يتفق مع الثقافة السائدة في المجتمع المصري، حينما تتلقى الفتاة اعتداء وعنف.

فأعرب البعض عن أن الفيلم جسّد (السم في العسل الأسود) بمثل تلك اللقطات التي حملت بين طيّاتها نمط سيء مُغلفة بإطار كوميدي.

دعوى إساءة عسل أسود للشعب المصري

حملة هجوم نالت من أحمد حلمي بصدد طرح فيلمه عسل أسود أثناء عرضه، بدعوى أنه أساء إلى الشعب المصري.

رغم أن البعض يرى أنه أوضح فقط صورة واقعية لما يُعاصره الشعب دونما إساءة.. إنما كان بوتيرة كوميدية ساخرة.

فالعمل كان مناقشًا للمشكلات الاجتماعية، لاسيما التي يُعاني منها الشباب بصورة واضحة، دون تزييف أو مغالاة.

فيكون الفيلم دعوى للوقوف أمام تلك المساوئ ومحاولة علاجها، فأصبحت واضحة أمام العيان، ولا مجال لإغفالها بعد.

فليس من الجيد أن يُظهر الفن الجانب المُضيء دومًا؛ فمرارة العيش تفرض عليه توضيحها.. كما ردّ البعض أنّ الفيلم أوضح إيجابيات أخرى.. تتجلى في:

  • شهامة ابن البلد، فهو كريم الأخلاق.
  • دور ربة المنزل بكونها عماد الأسرة.
  • الترابط الأسري لاسيما في المناسبات الدينية.

اقرأ أيضًا: إنجازات نجيب محفوظ

مناقشة حول قصة عسل أسود

لم يترك حلمي مجالًا للمُشاهدين للتفكير قليلًا عما يريد إيصاله، فكان مغزى الرسالة واضح وصريح.. ربما كان ذلك من قبيل النقد الفني لفيلم عسل أسود.

ناقش الفيلم قضية هامة تعني بالتحول الحادث في الشخصية المصرية في آخر ربع قرن، واهتم الفيلم بإبراز السواد والحياة المأساوية لكثير من الشباب.

أظهر المؤلف التحولات السلوكية وعيوب المجتمع المصري، دونما تحليل لأسباب ذلك التحول، وربما أضفى هذا بُعدًا سطحيًا من ناحيته.

على أنه لم يُبرر لم البطل اختار في الأخير أن يعود لبلده مصر رغم كل تلك المساوئ.. فهو حنين كامن لها، بكافة عيوبها.

قضايا طرحها فيلم عسل أسود

  • يعرض الفيلم قضية التعليم الخاطئ.. وهو ما جسدته الفنانة إيمي سمير غانم، في دور بسيط لكنه هام.
  • المواطن المصري في بلده مهان، ناهيك عن التعامل السيء مع السياح.
  • بيان أنّ المجتمع يسوده الفساد.. حيث الرشاوى والفقر والبطالة.
  • سلّط الضوء أيضًا على مشكلة السكن للزوجين، والزوج الساخط على حياته لمعيشته على مضض مع أهل زوجته.
  • مكانة الوطن عند من يُهاجرون منه في عُمر مبكر، راغبين في اللهث وراء المال.
  • لا زالت هناك عادات سيئة في المجتمع المصري، تُمارس في الشوارع والأزقّة.
  • أزمة التوظيف تُعد من المُشكلات الاجتماعية المُستعصية.
  • لا زالت هناك أزمة توظيف من ليسوا أهلًا للوظائف.
  • هناك بيروقراطية في الإجراءات الحكومية يُعاني منها المواطنون.
  • يحمل الفيلم إشارة غير مباشرة للفساد الحكومي.. فتأتي سلوكيات الشرطة منافية للقانون والأخلاق.
  • التعامل بآدمية واحترام مع حامل الجنسية الأمريكية.. في ظل التعامل القاسي مع المصري.

اقرأ أيضًا: هل لجين إسماعيل شقيق سامر إسماعيل

سبب تسمية “عسل أسود” بهذا الاسم

حينما يعود الشاب المصري إلى بلده يغمره الحنين.. إذ به أمام واقع أليم يكاد ينقد كل ما فيه.

لكنه يجمع بين النقد والحب.. لذا كان اسم الفيلم “عسل أسود” فهو يجد الاحتواء بين أهله وفي بلده، رغم الأزمات التي يُعاني منها.

فاسم الفيلم يحمل تناقضًا، بينما مصر هي العسل فاللون الأسود هو حالها.. أما التناقض فيتجلى بين المساوئ في مصر واحتضانها لأبنائها.

يترك فيلم عسل أسود فرصة للمشاهد ليضحك بنظرة سوداوية على الواقع المرير.. فالعسل أسود بحق، إلا أنَّ له حلاوة غريبة لا تكاد تعرفها إلا بعد أن تجرب بنفسك.