نقد فني للوحة الموناليزا يثري العديد من المعلومات حول هذه اللوحة التي أبسط ما يقال عنها أنها أشهر لوحة فنية على الإطلاق، واختلفت الكثير من آراء النقاد حول أهم ما يميز اللوحة وهي الابتسامة التي تحمل معاني الغموض.. وهذا ما سوف نتعرف عليه من خلال موقع سوبر بابا.
نقد فني للوحة الموناليزا
تعتبر لوحة الموناليزا أو الجيوكاندا هي أحد أشهر أعمال الفنان العالمي ليوناردو دافنشي، ونالت شهرة كبيرة نتيجة للتأثيرات البصرية التي تتمتع به هذه اللوحة، فأينما ذهبت ترى السيدة المرسومة تبتسم لك بابتسامتها الغامضة الجذابة.
إن لوحة الموناليزا تحمل معاني الجمال والاحترافية في آنٍ واحد، وسعى الباحثون وعشاق الفن التشكيلي لأكثر من خمسة قرون للبحث عن سر شهرتها والدقة التي رُسمت بها والأسرار التي تخبئها.
أما بالنسبة لسيدة الموناليزا فالأمر يتسم بالغموض أيضًا فلا يوجد من يجزم بهوية هذه السيدة بشكل قاطع، وكلها مجرد افتراضات كل شخص يفسرها تبعًا لرغباته؛ مما زاد الدهشة بشكل أكبر.
- رأي الأستاذة مارغريت ليفينغستون من جامعة هارفارد عندما قالت: “لم تظهر الابتسامة إلا عندما نظر المشاهد إلى أجزاء أخرى من اللوحة”.
- قال البروفيسور ليفينجستون أيضًا: “اختفت الابتسامة عندما تم النظر إليها بسبب الطريقة التي تعالج بها العين البشرية المعلومات المرئية ويمكن تفسير الجودة المراوغة لابتسامة الموناليزا من خلال حقيقة أن ابتسامتها تكاد تكون ذات ترددات مكانية منخفضة وبالتالي تُرى بشكل أفضل من خلال رؤيتنا المحيطية”.
- قد أقرّ بعض العلماء أن ابتسامة الموناليزا تتغير طبقًا للجزء الذي يراها من العين أولًا؛ لذلك فإنك ترى أحيانًا أنها ابتسامة هادئة وأحيانًا تراها مليئة بالسخرية، فهم يعتقدون أن العين ترسل إشارات مختلطة إلى المخ تعتمد على الخلايا الموجودة في شبكية العين التي تلتقط الصورة، بالإضافة إلى القناة التي تنتقل الصورة من خلالها في الدماغ.
- كانت عالمة الأعصاب مارجريت ليفينغستون لها اهتمامات جانبية بالفن وتاريخه؛ مما دفعها لكي تبحث عن سر ابتسامة الموناليزا، فقد أقرت أن ابتسامة الموناليزا تعد الابتسامة الأكثر وضوحًا في كاميرا الرؤية المحيطية من الرؤية المركزية الميتة.
- تؤكد ليفينغستون أننا عادةً ما نقوم بالتحديق في عيون الموناليزا فنلاحظ رؤيتنا المحيطية الأقل دقة الفم وتلعب الظلال بعض الحيل البصرية أثناء ذلك، ثم بعد ذلك نقوم بالنظر مباشرةً إلى الفم فإن الرؤية المركزية لا ترى الظلال وبالتالي نلاحظ أن الابتسامة تتلاشى.
- من خلال دراسة البصريات تم إدراك أن أشعة الضوء لا تصل بطريقة مباشرة إلى نقطة معينة من العين؛ بل تصل إلى منطقة الشبكية بأكملها والتي تعرف باسم النقرة، لذلك فإننا عند النظر إلى شيء ما مباشرة يبدو أكثر حدة، أما عندما ننظر إليه بشكل محيطي، فإننا نلمحه من زاوية العين فيكون أقل حدة.
- إن التنقيب عن سر ابتسامة الموناليزا يقتضي إعادة النظر في الرسومات التشريحية منذ عام 1508، التي كشفت أن العضلة التي تربط الشفتين هي نفس العضلة التي تكون الشفة السفلى وهذا يعني أنه من الممكن أن تجعد الشفة السفلى من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى الشفة العليا لكن من المستحيل أن تجعد الشفة العليا وحدها.
من الجدير بالذكر أن لوحة الموناليزا تتضمن حركات الشفتين الأخرى عضلات مختلفة تمامًا مما زاد من تعقيد اللغز.
اقرأ أيضًا: نقد فني لفيلم عسل أسود
سر جمال الموناليزا
عند تناول النقد الفني حول لوحة الموناليزا وسر ابتسامتها فمن الضروري أن نناقش الأسلوب المميز الذي استخدمه دافنشي في رسم اللوحة.. فالأسلوب الذي استطاع دافنشي أن يستخدمه لم يكن شائعًا على الإطلاق في ذلك الوقت، فكان الرسامون يعتمدون على التصوير من خلال جانب واحد فقط مما يجعل اللوحات لا تتسم بالحيوية.
أما دافنشي فقد اعتمد على مبدأ التجسيم لأول مرة في التاريخ والذي قام بتقليده بعد ذلك الكثير من الفنانين المحترفين أمثال رافائيل، تعد لوحة الموناليزا هي أول لوحة ترسم بالتقنية الضبابية فعند رؤية ملابس السيدة فإنك لا ترى أي خطوط مميزة وصريحة لها، بالإضافة إلى رؤية الكثير من الألوان المتداخلة والمميزة وهذه التقنية لم تكن موجودة من قبل.
السر في جمال لوحة الموناليزا أنك كلما ابتعدت عنها كلما كانت رؤيتها مجسمة بشكل أكبر وزاد عمقها.
طبيعة عيون الموناليزا الشهيرة
في إطار حديثنا حول النقد الفني للوحة الموناليزا فإلى جانب الغموض الخاص بابتسامتها وجمالها الخلاب، فهناك غموض آخر مصاحب لعينيها وملامحها بشكل عام.
- أوضحت ميهرا المدير الطبي لمركز القلب والأوعية الدموية في مستشفى بريجهام أثناء زيارتها لمتحف اللوفر “لقد أتيحت لي الفرصة للوقوف هناك لمدة ساعة ونصف لا أحدق إلا في هذه اللوحة، أنا لست فنان، لا أعرف كيف أقدر الفن، لكنني متأكد من أنني أعرف كيفية إجراء التشخيص السريري”.
- فعند النظر إلى الجانب الأيسر من عينها فنلاحظ وجود نتوء صغير سمين وشعرها نحيف بشكل غريب ليس لديها حواجب، أما بالنسبة ليدها اليمنى وهي مطوية على يدها اليسرى فيوجد انتفاخ ملحوظ بين السبابتين.
- تتميز الموناليزا باصفرار الجلد مما يبدو أنها كانت مصابة بتضخم الغدة الدرقية، والذي أكد ذلك هو الانتفاخ الموجود برقبتها فهو تضخم غير طبيعي فهذا يمكن أن يكون السبب في ابتسامتها الهزيلة.
- إن قصور الغدة الدرقية كانت من أشهر الأمراض الموجودة خلال القرن السادس عشر بين الإيطاليين خاصةً خلال عصور النهضة، وقد تم تصوير ذلك من خلال الكثير من اللوحات والمنحوتات في ذلك العصر.
- صرح أطباء الأسنان أن الخط الموجود حول الشفاه العلوية يشير إلى فقدانها أسنانها الأمامية.
- أما وجود ندبة خفيفة على الشفة العلوية فهذا يمكن أن يكون دليل على تعرضها للعنف المنزلي.
اقرأ أيضًا: من هي زوجة جوستافو كويلار (بالصور)
من هي سيدة الموناليزا؟
في صدد بيان نقد فني للوحة الموناليزا يُمكن بيان أن الكثير يرغبون في معرفة من هي صاحبة اللوحة، أهي كانت قريبة للفرنسي ليوناردوا دافنشي؟ أم كانت حبيبته؟ أم هي تتقايض الأموال مُقابل رسمها كالكثيرات؟
- يوضح بعض الباحثين أن المرأة المرسومة هي والدة دافنشي.
- بينما دعم المؤرخ الإيطالي “جوزيبي بالانتي” الرأي الذي يقول إن هذه السيدة كانت معاصرة لدافنشي، فهي كانت زوجة أحد تجار الحرير الموجودين في إيطاليا وهو “فرانسيسكو ديل جيوكوندو” والذي كان صديق دافنشي وطلب منه أن يرسم لوحة لزوجته ولكن مما يزيد الغموض هو عدم استلامه للوحة.
- بالرغم من وجود جميع الأدلة التي تثبت وجود الموناليزا ولكن ليس هناك أي دليل قاطع يثبت أن الموناليزا هي السيدة المرسومة في الصورة بالتحديد.
من استطاع أن يملك اللوحة؟
يقال إن فرانسيسكو لم يستلم اللوحة نتيجة للسفر المستمر لدافنشي واستغراقه وقت طويل حتى ينتهي من رسمها، لكن أول من اشترى لوحة الموناليزا هو الملك فرانسيس الأول وكان ذلك عام 1516م.
وُضعت اللوحة في أول الأمر في قصر شاتوفونتابلو، ثم انتقلت إلى قصر فرساي، وبعد ذلك إلى الغرفة الخاصة لنابليون الأول إلى أن استقرت في متحف اللوفر.
اقرأ أيضًا: أشهر إشاعات التسعينات
من سرق لوحة الموناليزا؟
يُبين النقد الفني للوحة الموناليزا أنها تعرضت للسرقة من قِبل شاب فرنسي يدعى بيروجي وذلك في عام 1911 أثناء قيامه بترميم الإطارات الخاصة باللوحات.. ظلت اللوحة مُختفية قرابة عامين إلى أن قام ببيعها إلى الفنان الإيطالي ألفريدو جيري.
بعد أن تأكد جيري أنها اللوحة الأصلية قام بإبلاغ السلطات الإيطالية واستطاعوا القبض على السارق بعد ذلك وضعت اللوحة في متحف بوفير جاليري.. عندما علمت فرنسا بالأمر حدثت مفاوضات عديدة لكي لاستعادة اللوحة حتى تمكنت فرنسا في النهاية من الحصول على اللوحة والسارق.
تم الحكم على السارق بسنة واحدة فقط، فأثناء المحاكمة صرح السارق أنه قام بسرقة اللوحة لامتلاكها شبهًا كبيرًا بينها وبين حبيبته التي توفيت منذ فترة.
استطاع دافنشي من خلال رسم لوحة الموناليزا بعبقريته الشديدة أن يقوم بإبهار المشاهدين لأكثر من نصف ألف عام فهل كان ينوي دافنشي ذلك؟