أمثلة على الإعجاز البياني في سورة فصلت
يتطلب فهم الآيات القرآنية تفحص تراكيب السور القرآنية وفصاحة أسلوبها، حيث يتجلى الإعجاز البياني بصورة واضحة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك في سورة فصلت ما يلي:
- التشبيه في سورة فصلت
كما هو موضح في قوله -تعالى-: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ)، فإن كلمة (أنا) تمثل المشبه، بينما أداة التشبيه هي كلمة (مثل)، و(الكاف) تعبر عن المشبه به. ويظهر هذا الاستعمال دلالة المساواة في الصفات والتوافق التام في الجنس العام.
أما في قوله -تعالى-: (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فإن التشبيه هنا يتضمن أسلوبًا مجملًا؛ حيث تم ذكر الأداة وتم حذف وجه التشبيه، فالمشبه في هذه الحالة هو من يقابل السيئة بالحسنة، بينما الأداة المستخدمة هي كلمة (كأن)، والمشبه به هو العداوة التي تحولت إلى صداقة حميمة، مما يفتح الباب للتخييل والتصور.
- الاستعارة في سورة فصلت
كمثال على ذلك، في قوله -تعالى-: (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ)، هناك استعارتان: الأولى تنسب الإحساس بالنعمة إلى مذاق الطعام، حيث يشير كلاهما إلى التأثير، والثانية تشبه الإصابة بالمس بجامع الإيلام.
- المجاز في سورة فصلت
وفي قوله -تعالى-: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ* وَإِمّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللَّـهِ إِنَّهُ سَميعٌ عَليمٌ)، نجد إسناد الفعل (ينزغنك) إلى المصدر (نزغ)، مما يشير إلى نوع من المجاز العقلي الذي يدل على المبالغة.
كما يظهر المجاز في قوله -تعالى-: (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ* فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ)، حيث جاء الفعل (أردى) مسندًا إلى ضمير الظن، في حين أن الفاعل الحقيقي هو الله -تعالى-.
التعريف بسورة فصلت
تُعتبر سورة فصلت من السور المكية بإجماع العلماء، وهي السورة الحادية والأربعون في ترتيب المصحف والسورة الحادية والستون في ترتيب النزول، حيث نزلت بعد سورة غافر وقبل سورة الزخرف. وتشير التقديرات إلى أن عدد آياتها 53 آية عند أهل المدينة ومكة، و52 آية عند أهل الشام والبصرة، و54 آية عند الكوفة.
سُمِّيت سورة فصلت بهذا الاسم لأنها تبدأ بكلمة “فصلت”، كما أنها تُعرف في العديد من المصاحف في المشرق بسورة السجدة، وأيضًا تُسمى في صحيح البخاري سورة حم السجدة. بالإضافة إلى ذلك، تعرف بسورة المصابيح وسورة الأقوات. ومن الأغراض الرئيسية لهذه السورة ما يلي:
- التأكيد على أهمية القرآن الكريم وبيان هدايته، وأنه معصوم من كل باطل.
- الإشارة إلى عجز المشركين عن مجادلة القرآن الكريم.
- توضيح كيفية إعراض المشركين عن القرآن وصم آذانهم عنه.
- دحض الشبهات التي أثارها المشركون حول القرآن الكريم.
- توبيخ المشركين وتوجيه اللوم لهم على كفرهم بخلّاق السماوات والأرض.
- بيان دلائل الخلق وتفرد الله -سبحانه- بالألوهية.
وجوه الإعجاز في القرآن الكريم
قامت الدراسات بتصنيف أنواع الإعجاز في القرآن الكريم، ومن بينها:
- الإعجاز في بلاغته وفصاحته.
- الإعجاز في اخباره بالمستقبلات الغيبية.
- الإعجاز في تسليط الضوء على الأمم السابقة والكائنات المنقرضة.
- الإعجاز النفسي.
- الإعجاز التشريعي.
- الإعجاز العلمي.