نماذج من الجناس في القرآن الكريم

أمثلة على الجناس في القرآن الكريم

يحتوي القرآن العظيم على أشكال متنوعة من الجناس، حيث يسهم كل نوع في تحقيق أهدافه الخاصة. فيما يلي بعض الأنواع الرئيسية للجناس مع أمثلة توضيحية:

  • الجناس التام: وقد ورد في العديد من الآيات، منها:
    • قوله -تعالى-: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ*أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ*وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ)؛ حيث تأتي كلمة (الميزان) بمعاني مختلفة في كل مرة: الأولى تشير إلى الشرع الذي تُوزن به الأحكام، والثانية تعني الحكم والعدل، والثالثة تشير إلى الوزن الفعلي.
    • قوله -تعالى-: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ) حيث وردت كلمة “الساعة” مرتين بمعنى مختلف في كل مرة؛ مرة كاسم معروف ومرة كظرف زماني.
    • قوله -تعالى-: (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ*يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ)، حيث جاء الجناس في كلمة “الأبصار”.
    • قوله -تعالى-: (إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)، حيث تكررت لفظة “خيرًا” بمعنيين مختلفين: اسم في المرة الأولى، وأفعل التفضيل في الثانية.
    • قوله -تعالى-: (إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ)، حيث وردت كلمة “علا” في الموضعين كفعل وحرف.
    • قوله -تعالى-: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ)، حيث اختلفت معاني كلمة “الميزان” بين الشرع، التقدير، والوزن المعروف.
  • الجناس المُحرّف والجناس المصحف: ورد هذا النوع في العديد من الآيات، ومن الأمثلة عليها:
    • قوله -تعالى-: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ*وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، حيث يختلف الجناس في الحروف بواسطة النقط.
    • قوله -تعالى-: (وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ*إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)، والجناس هنا في “ناضرة” و”ناظرة” نتيجة لتغيير الحروف.
    • قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ*فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) حيث جاء الجناس في كلمتي “منذرين” و”منذَرين” باختلاف حركات الحروف.
    • (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) حيث يتضح الجناس بين “يحسَبون” و”يُحسنون” مع اختلاف حركات الحروف والنقاط.
  • الجناس الناقص: يتميز هذا النوع باختلاف عدد الحروف بين كلمتين، كما في الآيات التالية:
    • قوله -تعالى-: (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ*إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ)، حيث تزداد كلمة “المساق” عن كلمة “الساق”.
    • قوله -تعالى-: (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ)، حيث تزداد كلمة “كلي” عن كلمة “كل”.
  • جناس الاشتقاق: على سبيل المثال في قوله -تعالى-: (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ) حيث يتشارك كل من “رَوْح” و”رَيْحان” في الجذر الاشتقاقي “رَوَحَ”. ومن أمثلة أخرى قوله -تعالى-: (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) حيث تعتبر كلمتا “ليحق” و”الحق” مشتقتين من الفعل “حق”.
  • جناس القلب: يظهر في قوله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)، حيث يختلف ترتيب الحروف بين الكلمات كما في “كل” و”فلك”، وأيضًا بين “بين” و”بني” في قوله -تعالى-: (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)، وكذلك الاختلاف بين “ربك” و”كبر” في قوله -تعالى-: (وربك فكبر).

بلاغة القرآن الكريم

تعد بلاغة القرآن الكريم أحد أوجه إعجازه العظيمة، حيث كانت هذه البلاغة السبب وراء عجز العرب عن تلبية التحدي بإنشاء مثل القرآن أو حتى بأجزاء منه. قال -تعالى-: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا). ومن الأساليب البلاغية الموجودة في القرآن والتي تعكس إعجازه هو أسلوب الجناس.

الجناس

الجناس هو مصطلح مشتق من الفعل (جانَسَ) ويعني التماثل والتشابه. ووفقًا للاصطلاح اللغوي، الجناس هو فن من فنون البديع حيث تتشابه الألفاظ في النطق، بينما تختلف في المعنى. ويبرز هذا التنوع في الجناس جمال الآيات وكان تناغم الصوت مرتكزًا على تكرار محدد لتوافق الشكل مع اختلاف المعاني، مما يسهل على المستمع التأمل والتفكر ويمنحه تجرية سمعية متميزة.

أنواع الجناس

يمكن تصنيف الجناس إلى نوعين، الأول هو الجناس التام الذي يتفق فيه لفظان وفقًا لأربعة شروط: ترتيب الحروف، وعددها، ونوعها، وهيئتها من حيث الحركات والسكنات. ومثال على ذلك قول الشاعر:

فَدارِهِم ما دُمتَ في دارِهِم وأَرضِهِم ما دُمتَ في أَرضِهِم

أما الجناس غير التام، أو الجناس الناقص، فهنا تحدث الاختلافات بين لفظين في أحد الشروط المطلوبة في الجناس التام، مثل: “الساق” و”المساق” (اختلاف في عدد الحروف)، و”الشعر” و”الشعر” (اختلاف في الشكل)، و”بين” و”بني” (اختلاف في ترتيب الحروف). يجب الإشارة إلى أن الاختلاف في نوع الحروف يجب أن يكون في حرف واحد فقط.

يعتبر الجناس جميلًا عندما يظهر بشكل طبيعي في النص بدون تكلُّف أو تكرار يؤثر على المعنى، مما يؤدي إلى تجانس موسيقي جذاب للسمع ونغمة رائقة تحقق رغبة النفس في الاستماع لما يتناغم مع المعاني المختلفة.

الإعجاز البياني في القرآن

تتنوع أوجه الإعجاز البياني في القرآن الكريم، وكل وجه منها استطاع أن يعجز العرب عن تقليده أو إنتاج مثله. من تلك الأوجه: النظم البديع الذي يخالف القواعد اللغوية المعتادة في اللغة العربية، فضلاً عن الأسلوب اللغوي الفريد الذي لم يُستخدم من قبل، والجزالة المتمثلة في قوله -تعالى-: (لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ). كما أن القرآن قد تصرف بلغة العرب بفن جديد لم يُسبق إليه، وهي ظاهرة تبرز في كافة سور وآيات القرآن الكريم.