هل أبو جهل عم الرسول

هل أبو جهل عم الرسول

هل أبو جهل عم الرسول؟ ومن هو أبا جهل؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يملك إحدى عشر عمًا وست عمات، لذا اختلط الأمر على كثير من الناس وتساءلوا هل أبو جهل ضمن أعمام رسول الله أم لا، وفيما يلي سنذكر توضيح ذلك بالتفصيل من خلال موقع سوبر بابا.

هل أبو جهل عم الرسول

شاع كثيرًا بين الناس نسبة قرابة بين أبو جهل ورسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك كان لابد من تصحيح هذا الخطأ، فغالبًا أن البعض يخلط بين أبي جهل وأبي لهب الذي هو عم الرسول صلى الله عليه وسلم.

فوجب التصحيح بأنه لا توجد قرابة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل، ويمكن أن هذا الخلط حدث لأن نسبهما يجتمع في مرة بن كعب بن لؤي، لكنه ليس من عائلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو من أشد أعداءه، ويمكن توضيح من يكون أبا جهل على النحو التالي:

أولًا: اسم أبو جهل ونسبه

هو عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

علمنا أنّ أبو جهل ليس بعم الرسول بل هو من قبيلة مخزوم وهي أحد قبائل قريش، وكان من ساداتها، ومن أشد المعادين للرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يُكنّى بأبي الحكم، ومن كناه أبو جهل كان النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بعد واقعة شنيعة كانت قد حدثت، وهي قتل أبا جهل لأول شهيدة في الإسلام وهي سمية بنت الخياط بعد أن أعلنت إسلامها فظل يضربها بالحربة حتى استشهدت.

كما أنه عذب زوجها عمار بن ياسر عذابًا شديدًا لأجل أن يرتد عن الإسلام ويكفر بمحمد، فوافق على ذلك مُكرها، وأسرع إلى النبي صلى الله عليه وسلم باكيًا، حتى أنه نزلت فيه آية: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ.. وبعد ذلك كناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي جهل.

ثانيًا: أبناء أبو جهل

كان لعمرو بن هشام ثلاثة أبناء وهم: زرارة بن أبي جهل، وتممي بن أبي جهل، وكلاهما أشقاء من أم واحدة وهي بنت عمير بن معبد بن زرارة، والثالث هو عكرمة بن أبي جهل، والذي كان أكثر أبناءه شهرة.

اقرأ أيضًا: من هو أبو هريرة رضي الله عنه باختصار

دور أبو جهل في دار الندوة

كان عمرو بن هشام من سادات قريش وكبرائها ولم يكن أبا جهل عم الرسول كما يعتقد البعض، وكان ذا رأي سديد دخل إلى دار الندوة، والتي كان لا يدخلها إلا شيوخ قريش وساداتها الذين تجاوزت أعمارهم الخمسين.

لكنه انضم إليهم ولم يكمل الخامسة والعشرين من عمره، لذلك لقب بأبي الحكم، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِفأسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، بينما أبا جهل ظل معاديًا للإسلام.

قد قيل إن عمرو بن هشام سرعان ما فقد حكمته عقب ظهور الإسلام حيث اشتد غضبه كثيرًا، وأصبح لا يتحكم بنفسه، وشاعت كنية أبو جهل عليه كثيرًا، حتى أصبح معروفًا بها بين الجميع.

اقرأ أيضًا: من هو أسد الله ولماذا سمي بهذا الاسم

موقف أبو جهل بعد ظهور الإسلام

كان عمرو بن هشام من ألدّ أعداء الإسلام، فبعيد كل البعد عن أن يكون أبا جهل عم الرسول، فوقف معاديًا لنبي الله صلى الله عليه وسلم منذ بداية الدعوة أي بعد بعثته، ويمكن بيان مواقفه من دعوة رسول الله على النحو التالي:

1- إيذاءه لرسول الله

لم يكف عمرو بن هشام عن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، بقولٍ أو فعل، فكان يرمي القاذورات وأحشاء الإبل على جسده الشريف وهو يصلي عند البيت، حتى جاءت السيدة فاطمة رضي الله عنها، وألقتها عن ظهره الشريف، وبعد انتهائه من الصلاة، أخذ يدعو عليهم جميعًا.

في يوم من الأيام توعد أبي جهل النبي صلى الله عليه وسلم أنه إن رآه يصلى سوف يطأ عنقه، وعندما أُخبر أنه يصلي، ذهب إليه وقال: “ألم أنهك يا محمد عن الصلاة فلما انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعجبه ذلك فقال أبو جهل: أتنتهرني وتهدّدنى وأنا أعز أهل البطحاء حتى أن الله عز وجل أنزل فيه قوله تعالى: “أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ”.

2- موقفه من وفاة القاسم

لما فُجع رسول الله في وفاه ولده الوحيد القاسم، فرح عمرو بن هشام من ذلك كثيرًا حتى أنه قال: “بُتِر محمد، فليس له من يقوم بأمره من بعده” وظل في إيذاء رسول الله بلسانه حتى أنزل الله -عز وجل- فيه قوله تعالى في سورة الكوثر: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)“.

3- موقف أبو جهل من الهجرة

اجتمع في دار الندوة مع كبار مشركي مكة، وأخذوا يتشاورون فيما بينهم ماذا يمكنهم أن يصنعوا برسول الله، فاقترح البعض منهم بقتله، والبعض بتقييده وحبسه، وأقترح آخرون بإخراجه من مكة.

بينما اقترح عليهم أبا جهل بأن يأخذوا رجلًا من كل قبيلة فيجتمعوا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فيقتلوه، حتى أن أقرباء النبي سيطالبون فيه الدية، فأنزل الله -عز وجل- فيه قوله تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)(سورة الانفال).

فالله يحمي رسوله من كيدهم ومكرهم، ويخبره بكل المكائد التي ينصبونها نحوه، لم تنجح خططهم الفاشلة تلك في مساس رسول الله بأي سوء، حيث كان مهاجرًا إلى المدينة المنورة في هذا اليوم.

4- تكذيبه للنبي في حادثة الإسراء والمعراج

لما عاد النبي من رحلة الإسراء والمعراج، أخذ يحدث الصحابة عن رحلته، فعندما سمعه أبو جهل سأله مستهزأ عما حدث، فبدأ النبي يقص عليه ما قد رآه عند ذهابه بيت المقدس وأنه قد أسري به، وأخبره صعوده إلى السماء السابعة على ظهر جبريل عليه السلام، فكذب قوله صلى الله عليه وسلم.

أخبره أن يجمع الناس من حوله ويقص عليهم ما أخبره به، وعندما اجتمع الناس، قصّ عليهم رسول الله كل شيء، فقال أبو جهل مستهزئًا: “خوفّنا محمَّد شجرة الزّقزم، هاتوا تمراً وزبداً فتزقّموا” فلم يصدقوا رسول الله وطلبوا من دليلًا على صدق ما قد قال.

فوصف لهم بيت المقدس وهيئته بشكل دقيق إلا أنهم لم يصدقوه، لكن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، أول ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم صدقه وقال له: “أشهد أنّك رسول الله“.

5- صدّه عن الإسلام

كان عمرو بن هشام يستغل أي فرصة ليستهزئ برسول الله صلى الله عليه وسلم ويصد عن دينه، فكان يسمع ما يقول النبي فيستهزئ ويصدّ عن دينه ولا يتأدب أو يخشى.

هناك الكثير من المواقف التي صدرت منه محاولًا الصد عن الإسلام بكل الطرق، حتى أن الله -عز وجل- أنزل فيه قوله تعالى: ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ (33)” فلم يكُف عن الإعراض، ولم يتوقف عن إيذاء رسول الله وصحابته، بل حاول مرارًا قتله.. فعليه لعنة الله.

6- موقفه من غزوة بدر

علمنا أنه لم يكن أبو جهل عم الرسول بل كان له الدور الرئيسي في تحريض المشركين على قتل المسلمين، فلما علم بنجاة القافلة، وهمّ أبو سفيان بالعودة إلى الديار، رفض ذلك وقال لهم إنهم لن يعودوا حتى يحتفلوا بقتل المسلمين في بدر ثلاثة أيام.

في أثناء المعركة ظل يحرض المشركين على القتال، وعدم اليأس أو الانسحاب والثبات على قتال المسلمين، حيث قال: “واللهِ لا نرجعُ حتى نَرِدَ بدرًا، ونحتفل ثلاثة أيام، وننحر الإبل، ونشرب الخمر، وتسمع بنا العرب، فتهابُناثم قال:يا معشرَ الناس، لا يَهولَنَّكم خِذلان سراقةَ بنِ مالك، فإنه كان على ميعادٍ من محمد، ولا يُهولَنَكم قَتل شَيبة وعُتبةَ والوليد، فإن عَجِلوا فواللاتِ والعزى، لا نرجع حتى نفرِّقَهم في الجبال”.

على الرغم من أن عدد المشركين أكبر من عدد المسلمين ثلاثة أضعاف، إلا أن الله -عز وجل- أيد رسوله والمؤمنين، وجعل النصر والظفر للمسلمين، ولم يقتل من المسلمين إلا أربعة عشر شخصًا.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لموته وما الدليل على ذلك

موت أبي جهل

كان عمرو بن هشام من أشد أعداء الإسلام، فعاش ومات معاديًا للإسلام في العام الثاني من الهجرة، في المعركة التي دارت بين كفار مكة والمسلمين بشكل يليق بتجبُّره وكفره وعناده.

حيث روي أنه أثناء المعركة جاء غلامين من الأنصار سألوا أحد الصحابة عن عمرو بن هشام، فدلّهم عليه، وكانوا قد عزموا على قتله بسبب معرفتهم أنه كان يسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما إن رآه الغلامين حتى تسارعا عليه بسيفيهما فقتلاه.

بعد قتله، أسرع الغلامين نحو رسول الله فأخبراه أنهما قتلا أبا جهل، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّكما قتلَهُ؟ قالَ كلُّ واحدٍ منهما، أَنا قتلتَهُ، قالَ أمسَحتُما بِسيفَيكُما؟ قالا: لا، قالَ: في النَّظَر في السَّيفينِ، فقالَ كلاكُما قتلَهُ وقضى بسَلبِهِ لمعاذِ بنِ عَمرو بنِ الجموحِ.”,

روي أن عبد الله بن مسعود كان قد أتى أبا جهل ولم تخرج روحه بعد، فوضع ابن مسعود قدمه على رقبته وقال له لمن الدائرة اليوم، ثم أجاب ابن مسعود فقال: لله ورسوله.

ذهب برأسه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: يا رسول الله هذه رأس عدو الله أبا جهل، فقال: “آلله الذي لا إله إلا هو؟” قال: قلت: آلله الذي لا إله إلا هو، فرددها ثلاثاً، قال: “الله أكبر، الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، انطلق فأرنيه” فانطلقنا فإذا به، فقال: “هذا فرعون هذه الأمة”.

فنهاية كتلك تليق حقًا بعدو الإسلام.. أن يقتل على يدي غلامين صغيرين من الأنصار.

كل من تكبر على الإسلام واعتدى عليه وعاداه، كانت نهايته تليق بصنيعه، فانظر إلى نهاية فرعون الأمة أبا جهل، فالله -عز وجل- هو العدل لا يترك ظالمًا أو متجرأً على دينه إلا جازاه في الدنيا قبل الآخرة.