هل الإنسان مخير أم مسير؟ فكثيرًا ما تراود هذه الفكرة الأذهان لاسيما اللحظات التي يشعر الإنسان فيها أنه وقع في مأزق وأنه غير قادر على تحمل نتيجة تصرفه، لذا يوضح موقع سوبر بابا الأدلة التي تُشير إلى طبيعة تخيير الإنسان أم تسييره ونتائج تحمله لأخطائه.
هل الإنسان مخير أم مسير
توجد عدة وجهات نظر فلسفية وأدلة دينية عليها يُمكنها أن تصل بالإنسان المُفكر في إجابة سؤال هل الإنسان مخير أم مسير إلى إجابة مُرضية.
1- كرم الله الإنسان
نعلم جميعا أن الله سبحانه وتعالي كرم الإنسان وفضله على كثير من خلقه (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)
فاشتملت تفسير هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى سخَّر لنا جميع ما في الكون، وسخرنا لنا الدواب في البر والسفن في البحر لحملنا، ورزقنا طيب الطعام والشراب، وتعد هذه المسخرات جميعها في سبيل راحة الإنسان ورفاهيته.
أيضًا فضل الله الإنسان وأنهم عليه بنعمة العقل والتدبير والإرادة الحرة ليختار طريقه في الحياة الدُنيا، يقول الله تعالى (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، فتحمل الآية الكريمة دليل أن كل إنسان عاقل بالغ هداه الله الطريقين إما أن يختار طريق الخير وينعم به في الدنيا والآخرة أو يختار طريق الشر ويشقى به في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضًا:
2- سبب وجود الإنسان في الدُنيا
في صدد الإجابة عن سؤال هل الإنسان مخير أم مسير؟ يتسنى التفكير في السبب الحقيقي وراء وجودنا في الحياة الدُنيا، فقال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) إذن فالسبب الحقيقي الذي خلقنا الله من أجله هو عبادته سبحانه وتعالي.
أيضًا قال تعالى في الآية الكريمة (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلً) أخبرنا عز وجل أن وجودنا في هذه الحياة للاختيار عند الابتلاءات واختبار الصبر خلالها؛ وعليه يُجزى العبد ويحصل على أجره الذي يستحقه في الآخرة.
فأعطانا الله سبحانه وتعالى العقل ووهبنا الإرادة الحرة وأرسل إلينا الرسل والأنبياء ليدعوننا إلى الطريق الحق، ويتعين على الإنسان أن يختار مصيره بكامل إرادته.
3- كيف يعد الإنسان مسير ولديه إرادة؟
يكون الإنسان مُسيرًا إن كان بلا إرادة فيستجيب فقط للمؤثرات التي تحيط به، ولا يقم بأي تصرف إلا بمشيئة الله عز وجل، حيث أنزل الله تعالى في ذلك (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ)
كما أشار نبي الله صلى الله عليه وسلم: (أولُ ما خلق اللهُ القلمُ فقال له: اكتبْ فقال: يا ربِّ وما أكتبُ؟ قال: اكتب القدرَ ما هو كائنٌ من ذلك إلى قيامِ الساعةِ).. فما جاء من آيات وأحاديث تؤكد أن الإنسان لديه كامل الحرية في اختيار مصيره، فيكمن فيها إجابة سؤال هل الإنسان مخير أم مسير؟
اقرأ أيضًا: كيف يمكن عتق رقبة في هذا الزمان
حرية الإنسان ليست مطلقة
الحرية التي وهبها الله للإنسان ليختبره في الدنيا ليست مطلقة وإنما لها ضوابط، ولها حدود وذلك بشهادة العقل أيضًا لأن هناك قيود أخرى تحيط بنا وتحد من حريتنا وتعيق تنفيذ إرادتنا في كثير من الأحيان.
فنحن لا نملك في هذه الحياة سوى المضي قدمًا، لأننا مهما بلغت قوتنا وإرادتنا لا نستطيع أن نرجع بالزمن أو أن نمنع القدر أو الموت وبالتالي فإن إرادتنا محدودة لها ضوابط ولا تتعارض مع إرادة الله.. فما يفعله العبد لدنياه أو لآخرته مُقدر وهو في رحم أمه.
لكن يجدر الإشارة إلى حرية الإرادة لا تتنافى مع القضاء، فالأخير لا يعني القهر، وإنما معناه هو سبق العلم الإلهي وأن الله تعالى يعلم الغيب ويعي ما يحدث للعبد قبل وقوعه.
فقال الله تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ).. لذا يُشير العلم الإلهي الواسع الذي يسبق تصرفات العبد أنه يتحقق بالضرورة لأن الله أحاط به علمًا لذا لا يتبدل.
علينا أن ندرك جيدًا أن إجابة سؤال هل سؤال هل الإنسان مخير أم مسير موجودة في القرآن والسنة ولا تخفي على من هو مُلم بأمور دينه.