هل الدورة الشهرية عقاب من الله؟ وما هو رأي الدين في هذا الأمر؟ عند قدوم الدورة الشهرية للنساء في بداية بلوغهن، تظن أن هذا الدم النازل منهن عبارة عن بلاء أو عقاب من الله، وذلك لأن الدورة الشهرية تأتي بألم شديد للنساء فقط دونًا عن الرجال، لذلك فالآن سنعرض لكم إجابة سؤال هل الدورة الشهرية عقاب من الله أم لا، من خلال موقع سوبر بابا.
هل الدورة الشهرية عقاب من الله
عند الإجابة عن هذا السؤال، فتكون الإجابة أنه أمر باطل، ولا يحق القول عن أمر الله هذا الكلام، وذلك لأن الدورة الشهرية شيء كتبه الله على بنات آدم منذ خلقهن، ولم يذكر في القرآن أو أي من الأحاديث الشريفة أن الدورة الشهرية عبارة عن عقاب للمرأة، فالله عز وجل عادل بعبادة، سواء النساء أو الرجال، فلماذا يُعاقب النساء بدون فعل أي شيء يجعل الله يُعاقبهن.
إذ قال الحافظ في الفتح: “قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أَوَّلُ بِالرَّفْعِ ـ لِأَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَالْخَبَرُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَيْ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابن مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُصَلُّونَ جَمِيعًا، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَتَشَرَّفُ لِلرَّجُلِ فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَ وَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ ـ وَعِنْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ قَوْلُهُ وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ،
قِيلَ مَعْنَاهُ أَشْمَلُ، لِأَنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ بَنَاتِ آدَمَ فَيَتَنَاوَلُ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَمَنْ قَبْلَهُنَّ، أَوِ الْمُرَادُ أَكْثَرُ شَوَاهِدَ أَوْ أَكْثَرُ قُوَّةً، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ، فَإِنَّ نِسَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: بَنَاتُ آدَمَ ـ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، قُلْتُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّعْمِيمِ بِأَنَّ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ طُولُ مُكْثِهِ بِهِنَّ عُقُوبَةً لَهُنَّ لَا ابْتِدَاءُ وُجُودِهِ، وَقد روى الطَّبَرِيّ وَغَيره عَن ابن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيم: وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت ـ أَيْ حَاضَتْ، وَالْقِصَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِلَا ريب، وروى الْحَاكِم وابن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابن عَبَّاسٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ كَانَ عَلَى حَوَّاءَ بَعْدَ أَنْ أُهْبِطَتْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَبَنَاتُ آدَمَ بَنَاتُهَ“.
اقرأ أيضًا: متى يجب الغسل للمرأة العزباء
حكم الدين في نزول دم الحيض
بعد أن أجبنا لكم عن سؤال هل الدورة الشهرية عقاب من الله، فلا بد من ذكر أن الدورة الشهرية لها العديد من الدلالات في القرآن الكريم، ومن أهم هذه الدلالات أنها أذى للمرأة، ونستدل عن هذا من خلال الآية القرآنية:
(وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، ” الآية 222 من سورة البقرة”.
حيث يقول الله عز وجل في هذه الآية الكريمة أن الحيض أو الدورة الشهرية ما إلا أذى للمرأة، وذلك بسبب رائحة الحيض الكريهة.
بالإضافة إلى ارتباط الحيض بالطهارة، وذلك لأن الحائض لا تتمكن من أداء الصلاة، ولا الصيام، وذلك لأنها تكون في هذه الفترة غير متطهرة، بالإضافة إلى أن الله عز وجل أسقط بعض الأحكام من على المرأة الحائض، وهذا ما سنعرض لكم في الفقرات التالية:
1- الصلاة
من خلال حديثنا حول هل الدورة الشهرية عقاب من الله، فمنع الله المرأة الحائض من أداء الصلاة، وذلك بسبب عدم التطهر، كما وضح العلماء أنه ليس على المرأة الحائض ألا تعوض الصلوات التي فاتتها بسبب الحيض، أما في حالة إذا كانت قد تطهرت قبل انقضاء وقت صلاة ما فيجب عليها الاغتسال وصلاة تلك الصلاة.
2- الصيام
حرم الله عز وجل على الصيام للمرأة الحائض طوال فترة الدورة الشهرية، كما قال أغلب العلماء أنه يجب على المرأة أن تصوم أو تعوض الأيام التي فاتتها بسبب الحيض، ومن الممكن أن تُعوض هذه الأيام في أي وقت، الدليل قول السيّدة عائشة رضي الله عنها: “كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ”.
3- قراءة القرآن الكريم
يقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف:” لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن”، فيُمكننا هذا الحديث من التأكد أنه يجب على الحائض أن تمتنع من قراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى أنها لا يجب عليها أن تلمس المصحف الشريف، ومن هنا يأتي لبس أن القراءة أو الدين الإسلامي يقول على المرأة الحائض أنها نجسه.
لكن في حقيقة الأمر أن الدين لم يوضح شيئًا كهذا، فالمسلم ليس نجس، حيث يعود السبب وراء عدم تكليف الحائض بأداء العبادات، إلى تفسير علمي في حالة الصلاة، فوضع السجود بدورة يعمل على فتح عنق الرحم بشكل كبير، مما يؤدي إلى اندفاع الدم بشكل غزير من المهبل، وهذا يؤدي إلى الشعور بألم حاد للمرأة الحامل.
أما عند الحديث عن الصيام، فالمرأة في هذا الوقت يكون جسدها ضعيف وهزيل، بسبب كثرة الدم التي تفقده على مدار اليوم، والذي من الممكن أن يستمر لأكثر من أربعة أيام على حسب طبيعة جسم المرأة، فلذلك حرم الله على المرأة الحائض الصيام رحمةً بها، وليس لأنها نجسة.
4- لمس كتاب الله ” المصحف الشريف”
من خلال حديثنا حول هل الدورة الشهرية عقاب من الله، فعند الحديث عن حكم الدين في وضع المرأة أثناء الحيض، فلا بد من ذكر أن لمس المصحف للحائض يختلف عليه العلماء، وذلك لأنه لا يوجد دليل قاطع على حرمانية لمس المرأة الحائض المصحف.
فيقول البعض في هذا الأمر، أنه يجوز للمرأة الحائض أن تلمس المصحف عند الحاجة فقط، ولكن أتفق البعض الآخر على حرمانية لمس المصحف للمرأة الحائض، وذلك في حالة إذا لم يكن لمس المصحف غير ضروري، ولكن يُمكن للمرأة لمس المصحف في حالة إن لمسته أو حملته بحائل.
5- دخول المسجد
في إطار حديثنا حول هل الدورة الشهرية عقاب من الله، فاتفق علماء الدين على عدم جواز دخول المرأة الحائض للمسجد، إلا أنه يجوز لها أن تعبر المسجد، فقد قال الله عز وجل في هذا الأمر:( ولا جُنبًا إلا عابري سبيل)، سورة النساء، الآية 43، حيث يقول الله عز وجل في هذه الآية أنه يحل للمرأة أن تعبر الجامع في حالة الحيض.
اقرأ أيضًا: حكم رفض الزوجة للجماع بسبب الحمل
6- الحج والعمرة
من خلال حديثنا حول إجابة سؤال هل الدورة الشهرية عقاب من الله، فيجوز هنتا الإحرام في حالتين لهذا الأمر، ففي حالة إذا كانت المرأة غير حائض عند الذهاب لأداء الحج والعمرة، وجاءها الحيض وهي هناك، فهنا يجوز الإحرام.
أما في حالة إذا كانت المرأة ذاهبة وهي حائض، فيجوز الإحرام لها أيضًا، وذلك لأن موعد الحيض لا يُمكن للمرأة تحديده، بالإضافة إلى عدم قدرتها على توقيف هذا الدم.
لا يُمكن اعتبار أن الدورة الشهرية على أنها عقاب للمرأة، وذلك لأنها تُعد كالنعمة من الله للمرأة، وذلك لأنها تعمل على تخلص جسم المرأة من السموم المتراكمة.