هل تعلم لماذا يصوم المسلمين التسع الاوائل من ذي الحجة؟ وما هو فضل تلك الأيام؟ يعد الصيام من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وتتضاعف بها حسناته، ويتعاظم أجره، لذا يتحرى المسلم أعظم الأوقات من أجل التعبد فيها، ومن بينها أيام التسع الأوائل من ذي الحجة، ونوافيكم بالحديث عنها على موقعكم سوبر بابا.
هل تعلم لماذا يصوم المسلمين التسع الأوائل من ذي الحجة
يصوم المسلمين التسع الأوائل من ذي الحجة لابتغاء الثواب من الله سبحانه؛ لأنها أيام فاضلة يستحب فيها الصيام، ووردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تؤكد على فضل صيام تلك الأيام.
من الأعمال الصالحة المستحبة في هذه الأيام هو الصيام، وقد أقسم الله بها في كتابه فقال ” وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) “ سورة الفجر، فقول أكثر المفسرين أن المقصود بهذه الأيام العشر: هي العشر الأوائل من ذي الحجة.
- فقال ابن جرير الطبري “والصواب من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحى لإجماع الحجة من أهل التأويل”.
- قال القرطبي رحمه الله: “وليال عشر” أي ليال عشر ذي الحجة” وبه قال مجاهد والسدي والكلبي وغيرهم.
اقرأ أيضًا: لماذا يصوم المسلمون يوم عاشوراء
فضل العمل الصالح في التسع الأوائل من ذي الحجة
يصوم المسلمين التسع الأوائل من ذي الحجة؛ لما تشتمل عليه تلك الأيام من الأفضال، والتي نبينها فيما يلي:
- الأيام العشر هي أيام يضاعف الله فيها الحسنات للعبد، وهي الأيام المعدودات التي ذكرها الله في كتابه فقال: “وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ” (البقرة: 203).
- أحب الأيام إلى الله، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ” ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام”، ويعني الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء“
- أن صيام يوم واحد من تلك الأيام يكفر الله به الذنوب، وله فضل عظيم، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من صام يومًا في سبيل الله بَعَّدَ الله وجهه عن النَّار سَبْعِين خريفا”
- معرفة تلك العبادة متوقفة على علم الله وحده، فقال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به”
- لما كان صيام يوم لله، يباعد به الله العبد عن النار سبعين خريفًا، كان الصيام في تلك الأيام العظيمة أفضل وأولى، فلنا أن نطلق العنان لنتخيل كم الثواب من الله للعبد في حال صيام التسع الأوائل من ذي الحجة ولن نستطيع أن نعرف القدر.
- العمل الصالح فيها لا يساويه إلا أن يخرج الرجل للجهاد، ثم لا يعود بنفسه ولا بماله كله، وهذا فضل عظيم من الله إذ يفتح الباب لاكتساب الأجر الكبير لمن لا يستطيعون الجهاد بالنفس ولا بالمال في الأجر.
فذكر تلك الأفضال يبيّن لنا لماذا يصوم المسلمين التسع الأوائل من ذي الحجة.
اقرأ أيضًا: ما هو ثواب صيام أول رجب
فضل يوم عرفة (من الأيام العشر)
في ضوء الإجابة عن تساؤل لماذا يصوم المسلمين التسع الأوائل من ذي الحجة، نبين أن العشر الأوائل من ذي الحجة من أيام الأشهر الحرم التي قال فيها ربنا سبحانه: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [سورة التوبة: 39]
يعد يوم عرفة من أعظم أيام الدنيا؛ لأنه اليوم الذي أكمل الله فيه الإسلام وأتم علينا النعمة، لذا هو يوم مميز بالنسبة للمسلمين ولهم أن يفخروا ويسعدوا به.
فقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) [سورة المائدة:5]، قال عمر رضي الله عنه: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
فضل صيام يوم عرفة
يوم عرفة يستحب فيه الصيام للمسلمين جميعًا عدا من أكرمهم الله بالوقوف على عرفات في هذا اليوم.
فحث النبي المسلمين جميعًا على صيامه، فعندما سئل عن صيامه قال: “يكفر السنة الماضية والسنة القابلة”، أي أن المسلم إذا صام هذا اليوم فله من الثواب ما يكفر ذنوب سنتين، سنة ماضية وسنة مقبلة.
- بين النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى كون هذه الفضل للمسلم غير الحاج في تلك السنة، فالسُنة في يوم عرفة للحاج هي الإفطار؛ لأن يوم عرفة يوم مشقة كبيرة والله يريد بنا اليسر وتقليل الالتزام بالأحكام الشاقة فيقول” يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر”. (البقرة/185)
- يوم عرفة يكفر الله به الذنوب، والمقصود بها الذنوب الصغائر، وما أكثرها في حياة المسلم، أما الكبائر فتلزمها توبة بالإقلاع والندم عليها، والعزم على عدم الرجوع إليها، وبهذا قال أغلب العلماء.
قال النووي رحمه الله في شرحه للحديث السابق: “يكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها الصغائر، فإن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر، فإن لم يكن رفعت درجاته، فقال إن المقصود هو الصغائر ويرجى أيضا تخفيف الكبائر بصيام هذا اليوم.”
يؤكد ذلك حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في ثواب بعض الأعمال أنها تكفر الصغائر دون الكبائر فقال:
“الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر“، ورغم أن العلماء قد قاسوا صيام يوم عرفة على هذه الأعمال فربما يكون ليوم عرفة فضل مخصوص يفتح باب الأمل في تكفير جميع الذنوب.
اقرأ أيضًا: هل تعلم عن الصلاة والصوم
التسع الأوائل من ذي الحجة الذي يصوم فيها المسلمين
ورد بيان بعض تلك الأيام في السنة النبوية كيوم عرفة وذكر فضل صيامه، إلا أنه قد ورد حديثًا قيل إنه وارد عن النبي، وبيانه كما يلي:
- اليوم الأول: غفر فيه الله تعالى خطيئة آدم الأولى وأكله من الشجرة المحرمة.
- اليوم الثاني: استجاب فيه الله تعالى ليونس وأخرجه من بطن الحوت.
- اليوم الثالث: سمع الله فيه لسيدنا زكريا وأجاب دعائه بالذرية الصالحة ورزقه الولد يحيى عليه السلام.
- اليوم الرابع: يوم مولد سيدنا عيسى عليه السلام.
- اليوم الخامس: وُلد فيه سيدنا موسى عليه السلام.
- اليوم السادس: فتح فيه الله تعالى كل أبواب الخير لنبيه الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
- اليوم السابع: يأمر فيه الله تعالى بغلق أبواب جهنم ولا يتم فتحها إلا بعد إتمام العشر الأوائل من الشهر.
- اليوم الثامن: يوم التروية الذي يبدأ فيه الحجاج أول مناسك الحج.
- اليوم التاسع: يوم عرفة الذي أتم الله فيه الإسلام وأنزل آخر آية من القرآن.
فقد شاع بين الناس أقاويل عدة بأن هذا البيان السابق للأيام، إنما هو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بين فيه فضل كل يوم من تلك الأيام.
إلا أنه لا صحة لذلك، فلم يرد هذا الحديث عن النبي، وإنما هو موضوع مكذوب عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرد في أي كتاب من كتب الحديث للأئمة الثقات.
استكمالًا لبيان لماذا يصوم المسلمين التسع الاوائل من ذي الحجة، يمكن القول إنه لم تثبت مناسبة خاصة لصيام المسلمين التسع الأوائل من ذي الحجة.
فليس فيها فضل مذكور لصيامها، إلا فضل الصيام الذي يعرفه المسلمين وفضل يوم عرفة الصحيح فقط، أما هذا الكلام غير صحيح ولا تزيد صحته شيئًا في العمل الصالح الذي يحرص عليه المسلمين.
يجب على المرء معرفة أحب الأيام والأوقات إلى الله تعالى، حتى يزيد فيها من الأعمال الصالحة، وينال رضى الله تعالى، والثواب العظيم على تلك الأعمال.