الاستقامة
تُعتبر الاستقامة مصطلحاً جامعاً يعكس جوهر الدين، حيث تعني الوقوف بين يدي الله -عز وجل- بصدق ووفاء للعهود. وتنطوي الاستقامة على الأقوال والأفعال والأحاسيس والنوايا، حيث يطلب منا الله -عز وجل- التمسك بدينه والسير على صراطه المستقيم. فإن الاستقامة تُمثل بالنسبة للإنسان روح الحياة، كما أن الجسد يُعتبر ميتاً دون روح، فإن الإنسان يصبح فاسداً إذا افتقر للاستقامة. لذا، فإن الأداء الصحيح للأقوال يعني عدم استخدام الكلام الذي يغضب الله، بينما تعني التصرفات أن يُلاحظ الله الإنسان في أماكن يحب رؤيته فيها، فيجب أن تكون أفعاله مُرضية لله، ويفترض أن تتوافق أحواله ونواياه أيضًا مع ما يُرضي الله.
أنواع الاستقامة
تنقسم الاستقامة إلى نوعين رئيسيين، هما: الاستقامة الفردية والاستقامة الجماعية. وهنا توضيح لهذين النوعين:
- الاستقامة على المستوى الفردي: تعني أن يسعى كل شخص إلى الاستقامة بنفسه من خلال اجتناب المعاصي والذنوب، والاقتراب من الله عبر أعمال البر والقربات.
- أما الاستقامة على المستوى الجماعي: فهي تشمل الجوانب التي لا يمكن تحقيقها على المستوى الفردي، حيث قال الله -تعالى-: (فَاسْتَقِم كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). جاء الأمر بالاستقامة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وتجاوزه ليتأكد من استقامته وثباته عليها، حيث تعتبر الاستقامة الجماعية عنصرًا مهمًا في تحقيق الجهاد وتوجيه طاقات الأمة ومعاملة المجتمع الإسلامي ككيان موحد ضد أهل الكفر.
جوانب متعلقة بالاستقامة
توجد نقاط هامة ترتبط بالاستقامة على دين الله، من بينها ما يلي:
- يعتبر السعي نحو الاستقامة مهمة صعبة تتطلب من النفس مراقبة ذاتها والثبات على الحق والعدل والابتعاد عن الهوى. المؤمن الحكيم هو من يُحاسب نفسه ويعمل لما بعد الموت، بينما يُعدّ العاجز الخاسر من يتبع شهواته ويظن أنه سينال الجنة رغم إهداره لنعيم الدنيا.
- تنقسم الاستقامة الدينية إلى أمرين مهمين: حفظ القلب وحفظ اللسان، فإذا استقاما، استقام كافة الأعضاء، ونجح الإنسان في سلوكياته وحركاته وسكناته، أما إذا فسدا، فإن الإنسان سيفسد أيضًا وستضل بقية الأعضاء.
- الاستقامة الحقيقية تتمثل في اتباع طريق أهل الحق والمبادئ السليمة، والانفصال عن أهل الباطل والأهواء والشهوات.
- تمثل الاستقامة على دين الله ثباتًا ورجولةً، وانتصارًا في المعركة التي تدور بين الطاعات والشهوات، ولهذا فإن الذين يستقيمون يستحقون نزول الملائكة عليهم في الدنيا لتُبعد عنهم الخوف والحزن، مُبشرةً إياهم بالجنة، فهم أولياء الله في الدنيا والآخرة. قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).