هل الغير بالغ يعتبر زانيًا؟ وما هي علامات بلوغ الصبي والفتاة؟ فإن تلك المشكلات ما أثارت دهشتي حينما سمعت عنها في إجابة أحد الفقهاء على أسئلة المشاهدين له، وهو ما يستدعي عرضه عبر موقعنا سوبر بابا، للتمكن من التصرف في حالة الوقوع بمثل ذلك الموقف وفقًا لتعاليم الله تعالى وسنة نبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
ما هو الزنا
إن الله تعالى قد وضع للمسلمين الحدود التي ما إن تمسكوا بها لن يقعوا في الإثم أبدًا، وقد ترك لنا رسول الله ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ التعاليم التي ما إن عملنا بها نتجنب أي من العواقب الوخيمة التي يقع القلب أسيرًا لها فترات طويلة حتى تطهره التوبة.
فئة كبيرة من الناس يندرج لديها شكل الزنا بالعلاقة الحميمية فقط وبأن الملامسة ما بين الرجل والمرأة أو القيام بالسلوكيات الخاصة بالعلاقة الزوجية، فنعم حد الزنا في الشريعة الإسلامية لم يتضمن اللمس، التقبيل أو العناق وتلك المحرمات، بل إنه يتوقف على الإدخال وعملية الإيلاج، وما دون ذلك فلا يعد زنا فعليّ.
لكن تتطلب تلك الأعمال السالفة الذكر العقاب والتشديد على حرمانيتها البينة والتي لا يمكن نكرانها، بل وقد تمت تسميتها في الشرع بالأعمال التي تجر قدم المسلم إلى الزنا، وذلك ما ذُكر في السنة النبوية.
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “ما رَأَيْتُ شيئًا أشْبَهَ باللَّمَمِ ممَّا قالَ أبو هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ علَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنا، أدْرَكَ ذلكَ لا مَحالَةَ، فَزِنا العَيْنِ النَّظَرُ، وزِنا اللِّسانِ المَنْطِقُ، والنَّفْسُ تَمَنَّى وتَشْتَهِي، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلكَ كُلَّهُ ويُكَذِّبُهُ” [صحيح البخاري]. |
اقرأ أيضًا: إذا زنت الفتاة ثم تابت هل يجب إخبار الخاطب
البلوغ وعقوبة الزنا
نظرًا لانتشار الآفات في المجتمع وانعدام القدرة على التربية والانتباه للأطفال فإن هناك أسئلة ترد للفقهاء وأهل الدين بخصوص زنا من يكون غير بالغ، وهل تقع عليه عقوبة الزنا ويسمى زانيًا أم لا.
كان رد الفقهاء أنه وفقًا للشريعة فإن الأحكام وتعاليم الإسلام لا يأثم عليه من كان غير بالغ أو غير عاقل، فالطفل لا يحاسب على أفعاله أو تركه للصلاة سوى ببلوغه سن الرشد.
يكون سن الرشد كحد أدنى من التاسعة في العمر، والحد الأقصى له هو الخمسة عشرة عامًا، فإن كان المسلم الذي وقع في ارتكاب ذنب الزنا ولم يبلغ فإنه لا يقع عليه حد الزنا، وذلك حتى وإن سُمي زانيًا، ولكن يجب أن يتم تعزيزه أي يعاقب بما يردعه عن القيام بذلك مرة أخرى.
فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يستيقِظَ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يكبَرَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يعقِلَ ويُفِيقَ.” [صحيح ابن العربي]. |
حكم الوقوع في الزنا للجديد بالإسلام
ببعض الحالات ذكر السائلون عن المعتنق الجديد للإسلام دون علم منه ولكنه لم يبلغ بعد، أو من نشأ في بلدة غير منتشرة بها تعاليم الدين الإسلامي وارتكب الزنا، فهل يقع عليه حد عقوبته أم لا.
أجاب الفقهاء عن تلك الحالة بأن المعتنق الجديد للإسلام وارتكب الزنا بجهل منه، أو من كان لم يبلغ وارتكب نفس الذنب فإنه لا يعاقب ولا يكون عليه تكليف لوجود عذر الجهل.
اقرأ أيضًا: حكم فعل الزوج للعادة السرية لزوجته
أنواع الزنا
إن الزنا من الكبائر التي نهانا عنها الله تعالى في كتابه الكريم، وأوضح لنا عقوبته الصعبة في السنة النبوية وأحاديث الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولذلك على المسلم أن ينتبه لأفعاله ولا يجعل شهواته تجرّه هو أن من يعول إلى ارتكاب مثل تلك الذنوب، ومن الهام تعليم الأطفال أن الزنا نوعين:
الزنا الحقيقي | الزنا المجازي |
عملية الإيلاج ووضع ذكر الرجل في فرج الأنثى. | أي من الأعمال التي تجعل العبد يرتكب الزنا بعدها كالتقبيل، العناق أو الملامسة. |
عقوبة وليّ الغير بالغ الزاني
قد أوضح الفقهاء أن الغير بالغ لا يعد زانيًا نظرًا لما ذكر في سنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأنه غير مكلّف بعد، ولكن قد أشادوا بأن من يعول الفتى أو الصبي الزاني أو وليهما يجب أن يعاقب في حالة كان سامح لهما بالاختلاط أو لا يوجههم إلى تعاليم دينهم الصحيحة.
متى يبلغ الصبي
إكمالًا لتوضيح إجابات الفقهاء سؤال هل الغير بالغ يعد زانيًا ومتى يكون سن البلوغ للطفل، فمن الهام العلم أن الفقهاء أوضحوا أن بلوغ الصبي لا يكون بالسن ولكن ببعض العلامات التي ما إن ظهرت فإنه يكون بالغ، ومنها:
- الاحتلام: وهو عبارة عن خروج المني في اليقظة أو المنام، وغالبًا ما يكون في سن التاسعة، وذلك استشهادًا بما جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) [سورة النور الآية 59].
- في حالة ظهر الشعر الخشن على العانة.
- وصول الصبي إلى سن الخامسة عشرة سنة.
علامات بلوغ الفتاة
كذلك الأمر بخصوص زنا الفتاة الغير بالغة لا يتم محاسبتها طالما لم تظهر علامات البلوغ عليها، حتى وإن كانت تخطت سن التاسعة، ومن ضمنها ما يلي:
- نزول الدورة الشهرية.
- في حالة الحمل.
- ظهور شعر المنطقة الحساسة.
- كبر الثديين.
- الاحتلام.
- الوصول إلى سن الخامسة عشرة.
زنا الابن أو الابنة واعتراف ولي الأمر
عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “ ….. ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ” [صحيح مسلم].س |
قد أوضح الفقهاء في حديثهم عن زنا الغير بالغين أن الفتاة أو الصبي لا بد لهما أن يستتروا عن ذلك الذنب، وألا يعترفوا به لأي من الناس، وذلك امتثالًا لتعاليم النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأنه أمر بستر العبد نفسه طالما كان الله تعالى ساترًا له.
ذلك ما يتنافى مع تفكير بعض أولياء الأمور أو الآباء بأن يتم الاعتراف وفضيحة الابن أو الابنة أمام كل الناس وعقابهم أمامهم لكي يتعلم من خطأه، أو بمعنى أصح لكي يشعر ولي الأمر أنه أفلح في تربيته أو رد شرفه.
لكن ذلك يتنافى بشكل تام مع العقيدة الإسلامية والطريقة الصحيحة للتعامل في ذلك الموقف، فأوضح الفقهاء أن ولي الأمر كذلك عليه التستر على الابن أو الابنة في حالة وقع بالزنا خاصةً إن كان غير بالغ، وأن يعينه على التوبة إلى الله تعالى.
اقرأ أيضًا: هل يجب الاغتسال عند نزول إفرازات الشهوة
توبة الزاني
من الهام في حالة الوقوع بارتكاب ذنب الزنا الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى والندم على تلك الفعلة، وذلك حتى إن كان الزاني غير بالغ، وهي ما تقبل عند الله تعالى وكفارته الوحيدة هي الندم والعزم على عدم الرجوع إلى تلك المعصية مرة أخرى أو ما قد يجُر إليها.
مع اتخاذ طريق الهداية واتباع تعاليم الله تعالى ورسوله في إقامة حدود الله تعالى، وإبعاد الأطفال عن أي اختلاط أو أمور قد تلههم عن الذكر، مع الإحسان إليهم وعدم ذكر أي من تلك الأمور أمامهم مرة أخرى حين يكبروا.
الغير بالغ لا يُكلف بأي من العبادات أو يحاسب على ارتكاب الذنوب الصغيرة أو الكبائر، ولكن من الهام زيادة الوعي الديني لدى الأطفال، ومراعاة إبعادهم عن أي موضع شبهات قد يجعلهم يقعون في الخطأ دون إدراك أو جهل.